واو الجماعة وجماعة الواو

آراء 2019/06/17
...

حمزة مصطفى
 
الجماعة باختصار هم مجموع أصحاب الدرجات الخاصة من مدير عام صعودا الى وكيل وزارة ممن يديرون بالوكالة الدولة العراقية منذ عام 2003 والى اليوم. أما “الواو” المقصود ذكرها بالعنوان فهي ليست واو  الجماعة  أو واو العطف أو واو المعية في اللغة العربية. فلتلك الواوات أصولها اللغوية وأحوالها وتطبيقاتها ضمن الجملة الواحدة. وقد شرق  اللغويون وغربوا فيها من سيبويه “وحط إيدك” الذي غرد في الواوات لكنه توقف عند كلمة “حتى” حتى قال فيها جملته  المشهورة “أموت وفي نفسي شيء من حتى”.
 
في تقديري أن عمنا سيبويه أخطأ كثيرا حين بقيت في نفسه حتى بعد الموت غصة من “حتى”. فلو إمتد به العمر وعاش بيننا حتى اليوم حتى  يشاهد بأم عينيه حرف الواو وماعمله فينا طيلة 16 عاما. فهذا الحرف يدير دولة عمرها 5000 سنة على أقل التقادير و7000 الآف ضمن تقادير أخرى. عدد سكانها 38 مليون نسمة “من غير اللبن”, وموازنتها السنوية تزيد على المئة مليار دولار “من غير اللبن أيضا”. تحتوي على أكبر عدد من العشوائيات في العالم,  وأكبر عدد من الوزارات والوكالات والهيئات المستقلة والسفارات والمديريات العامة وكراجات غسيل السيارات ومطاعم الكباب والباجة التي كانت قبل خمسين عاما باجتان فقط.. الحاتي وإبن 
طوبان.
 
المعلومات التي بحوزتنا تشير الى أن الواو أي التوقيع بالوكالة سيفقد مفعوله نهاية هذا الشهر. وهذا يعني أن بضعة آلاف من كبار المسؤولين ممن لم يصوت عليهم البرلمان لن يكون لتوقيعهم بعد الأول من تموز أية قيمة مادية أو إعتبارية. هذا يعني إما أن يجري تثبيت من يمكن تثبيته منهم أو تسريح بإحسان أو غير إحسان البقية الباقية من هؤلاء الموظفين الكبار ممن لاذنب يذكر للكثيرين منهم. فالغالبية من هؤلاء قد يكونون اكفاء وموهوبين ونزيهين وكان يمكن لهم أن يديروا المؤسسات الكبرى التي يشغلونها بالوكالة طيلة هذه الفترة الطويلة بالإصالة.
بيد أن المفارقة اللافتة هي قبول الكتل والأحزاب مبدأ إدارة الدولة بالوكالة لأكثر من عقد ونصف عقد من الزمن مع علم الجميع أن هذا الإجراء إنما هو سلاح ذوحدين. الحد الأول يتمثل في عدم إيقاع المسؤولية الكاملة على الوكيل بوصفه ليس أصيلا في الموقع وهو مايقود أيضا الى تخوفه من القيام بإجراءات أخرى لأنه يخشى إخراجه من منصبه في أية لحظة. 
والحد الثاني أن الإدارة بالوكالة التي لاترتب حقوقا تقاعدية أو سواها من الإمتيازات يمكن أن تفتح بابا واسعا من أبواب الفساد لمن يريد تعويض مافاته وما قد يفوته. 
ولعل الكثير من أوجه الفساد التي نعانيها في الدولة والتي شكلنا لها عدة أجهزة وهيئات ولجان لمكافحته تعود الى مفهوم الإدارة بالوكالة للسبب الأول الذي أشرت اليه. فالوكيل يبقى طارئا على المنصب أو الموقع أو يشعر هو في قرارة نفسه بأنه طارئ حتى لو بقي عشرين سنة. في حين الأمر يختلف بالنسبة للأصيل حيث يشعر بالأمان والمسؤولية والاستقرار حتى لو بقي في منصبه ..