امرأة تعرف زوال المعنى

ثقافة 2024/09/01
...

  ملاك جلال




لون الغياب


أريدُ أن أرى الله، في رائحةِ القدّاحِ

عند المغيبِ، 

لحظة تكسّر الروحِ على حوافّ الذكرى،

أريدُ أن تخرجَ روحي

من روحي 

ليطوّعها الغصنُ طيراً. 


حين طرقَ الحبُّ بابيْ أمس

ركضتُ بعيدًا، 

حتى أقفرت الأرض من قداحها.


وحينَ التصقتُ بالحشائشِ، 

كنتُ أنغمر الى قاعٍ ليس يصله جذرٌ

ولا يلّوحهُ غصن.

و بقي صوتي،

في أمكنةٍ بعيدة 

بينما حنجرتي تيبّستْ في التراب.


وأردتُ؛

أردتُ القدّاح، واردتُ الله 

وأردتُ ألا أريد؛

وكلّ رغبةٍ صارت تنمو منها أجنحةٌ ذابلة 

لغيابِ أنايَ،

و لقداحٍ كنتُ قد تركتُ فيه يديَّ

فما استطعتُ بعدها أن أفتحَ أبواب مَن طرقوا، 

أن أقول: أهلاً،

لديّ أجنحةٌ بلونِ الغياب 

ورائحةٌ منسيّة في البعيد.

لديّ رغباتٍ لم أبح بها من قبل: 

رغبةٌ للغناء، 

وأخرى للحبّ،

ورغبة 

لأن أرى الله في رائحةِ القداح. 


أهلاً،

أنتَ لن تفهم أبداً؛

معنى أن تخلقَ الرغبةُ نفسها كل يومٍ،

من جديد،

ومعنى أن أموتَ كل يومٍ.

غرفة صغيرة


غرفة صغيرةٌ 

ينمو فيها الضوءُ

كعذابٍ وحيدٍ 

للسريرِ 

ونومهِ الهانئ .


غرفة تعيشُ فيها أصواتُ الحيّ 

من الباعة المتجولينِ 

إلى الأولاد 

بألعابهم التي 

تتوارثها الشوارع.


غرفة فحسب،

بها عرفتُ كيف يربّي الحلمُ نفسه 

رويداً رويداً 

يوماً بعد يوم

حتى يشيخ

ويزول المعنى.


المعنى؟ 

جدران الغرفة الصغيرة تضحك.


المعنى؟ 

الأرضية تصيرُ سقفاً.


المعنى؟

الهواء الذي يدور بي الآن 

داخل النص

خارج الغرفة.


غرفة صغيرة،

تتوارى فيها 

امرأةٌ 

تعرفُ جيداً 

ماذا يعني

زوالُ المعنى.