علي حسن الفواز
انكشف المستور في العدوان الصهيوني، وباتت فضائحه وجرائمه عارية أمام العالم، فمع استمرار هذا العدوان، تتبدى أهدافه من خلال خلط الأوراق، وتحويل الجغرافيا الفلسطينية إلى منطقة حرب دائمة، ولعل ما يجري في الضفة الغربية من عدوان مكشوف، يضع حسابات السياسة في مرجل حسابات الحرب، ويجعل من تصريحات رئيس الأركان الصهيوني "هرتسي هاليفي" تمثيلاً لسياسة الجبهات المفتوحة، وتحويل الأنظار عن الجرائم الكبرى التي يقترفها الصهاينة في غزة..
الإصرار على مواصلة العدوان، على جنين ومخيمها، يعني إصرار حكومة نتانياهو على خيار الحرب العنصرية، وعلى تحويل المفاوضات التي تجري في هذا البلد العربي أو ذاك إلى "مناورة" تقوم على مطّ الوقت، وعلى الذهاب إلى فرض سياسات الأرض المحروقة، وربما الضغط على مرشحي الرئاسة الأميركية في انتخاباتهم المقبلة، وباتجاه يهدف إلى ترسيم خيارات تجعل من دعم الكيان الصهيوني على رأس أولويات المرشح للفوز الرئاسي، فضلاً عن ما يهدف إليه هذا العدوان من توسيع فاضح للمستوطنات، رغم كل القرارات الدولية التي تطالب بإيقاف سياسة الاستيطان.
لم يعد مخفياً علاقة استمرار العدوان بأهداف قضم الأرض، وبفرض الأمر الواقع على طاولة المفاوضات، وبالشكل الذي يجعل من الدعوة إلى وقف شامل لإطلاق النار أمراً محفوفاً بشروط معقدة يفرضها الكيان الصهيوني على الآخرين، وكأنه يقول إن الحرب هي خيار صهيوني، وأن السياسة هي جزء من هذه الحرب، وأن ما يجري في مخيمات جنين وطولكرم وطوباس هو تأكيد على توسيع مساحتها، وعلى إثارة الرأي العام، ووضع تلك الحرب في سياق تهديد الحكومة الفلسطينية في رام الله، والضغط عليها، مقابل فرض شروط أخرى لأي مقترح تفاوضي تراهن عليه الدول الداعية إلى التفاوض.
تصريحات هاليفي العدوانية ليست بعيدة عن الوجه الآخر للسياسة، وعن اأهداف الستراتيجية للكيان الصهيوني، في التحكّم في الأرض وشرذمتها، ولتسويق النوايا السيئة حول مقاومة الشعب الفلسطيني، وحول مشروعية جبهات الإسناد التي تحولت إلى قوة فاعلة تفرض قواعد اشتباكها وخيارتها في المواجهة المفتوحة.
إن ما يخشاه الكيان الصهيوني هو تحوّل الرفض الشعبي إلى انتفاضة جديدة، وإلى فتح جبهات في كل المدن الفلسطينية، وعلى نحوٍ يسهم في إفشال كل أهداف حكومة العدوان وإجراءاتها في عسكرة الأرض والسياسة.