ستيف رايت
ترجمة: شيماء ميران
بعد 27 عاماً من تطوير طائرات نقل الركاب، بدأت مشاركتي في تطوير الطائرات الكهربائيَّة في شباط من العام 2017، وطُلب مني إعطاء رأيي في طائرة "eHang 184" الصينيَّة الآليَّة لنقل الركاب، إذ كانت نظرياً يمكنها تقديم خدمات سيارات الأجرة الآليَّة في دبي.
يقول "رايت": "لن أتطوع للذهاب برحلة مبكرة، إلا إذا تمَّ اصطحابي قسراً".
الصين تحلق عالياً
مع أول احتكاكٍ لي بالسيارات الطائرة الصينيَّة أو الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي
(eVTOL)، أثبتت دلالتها منذ ذلك الوقت. فبفضل التكنولوجيا الناشئة حلقت الصين عالياً. فكان أكبر تطورٍ في نيسان الماضي، إذ منحت إدارة الطيران المدني الصيني (CAAC) شهادة إنتاج لطائرة (EH216-S) من شركة (EHang) وهي المرة الأولى التي تحصل فيها سيارة طائرة على هكذا موافقة للإقلاع العمودي، ما فتح الباب أمام طرحها تجارياً، كما أنَّ الشركات تتطلعُ الى التحليق في السماء، فمثلاً حصلت شركة (Auto Flight) أيضاً في آذار الماضي على موافقة من (CAAC)، ويثير منافسون صينيون آخرون مثل (XPeng) و(Vertaxi) ضجة كبيرة أيضاً.
والواقع تُظهر الصين اليوم نحو 50 % من نماذج الطائرات العموديَّة الكهربائيَّة في العالم. وتعهدت بإنشاء "مناطق عرض وطنيَّة، رغم أنَّ التفاصيل لا تزال غامضة.
من الواضح أنَّ الصين تتصدرُ سباقَ الطائرات الكهربائيَّة والعموديَّة، فهل ستحافظ على هذا الموقع؟ للإجابة على ذلك، يجب أنْ نأخذَ بعين الاعتبار تحديين كبيرين يواجهه جميع المنافسين وهما التكنولوجيا والإنسان.
لقد فتحت تقنيَّة البطاريات الحديثة عصر السيارات الكهربائيَّة والطائرات العموديَّة، لكنَّها أصبحت أكبر قيودها، فالبطاريات لا تزال قادرة على تخزين وتوصيل جزءٍ صغيرٍ من طاقة البنزين فقط.ستقتصر الصناعة على الخدمات المتميزة في التطبيقات المتخصصة حتى يحدث تطورٌ آخر في تكنولوجيا البطاريات؛ وبعبارة أخرى، عندما تقتحم موجة بطاريَّة جديدة الصناعة وتشتت المنافسين، فمن يسيطر على هذه الموجة سيحصل على الجائزة الأكبر.
ومع أنَّ الصين اليوم تتمتعُ بوضعٍ جيدٍ، لكنْ ربما يستطيع الغرب أنْ يستعيدَ الصدارة نظراً لخبرته الأطول في مجال الطائرات
التقليديَّة.
ساحة لتجربة التقنيات
التحدي الآخر في هذا المجال، رغم أنَّ الصين هي ملك الطائرات الآليَّة الاستهلاكيَّة صغيرة الحجم بلا منازع، لكنَّ هناك فجوة واسعة بينها وبين طائرات الركاب التقليديَّة. فهي بحاجة الى الأساليب والتقنيات اللازمة لسد هذه الفجوة ولا يمكن التغلب عليها إلا من خلال عقودٍ من الخبرة. وهنا يتقدم الغرب بالتأكيد بصناعات
الطيران الرصين والهيئات الإداريَّة.
فهل تستطيع الصين إذن تجاوز هذه الفجوة؟ ربما، في الوقت المناسب. وهنا أشير مثلاً الى طائرة (كوماك سي 919)، والتي تشبه طائرتي إيرباص إيه 320 وبوينغ 737، وهي الفئة الأكثر تنافسيَّة في سوق الطيران. كانت ولادة الطائرة C919 طويلة ومتعبة، وكانت مدعومة بالثقل الهائل للدولة الصينيَّة، ورغم مطبات الرحلة، لكنَّ الطائرة (C919) نجت واليوم تدخل خدمة
الركاب. في ما يخص الطائرات العموديَّة الكهربائيَّة، تعملُ التقنيات الحديثة لهذا العالم الجديد الجريء كأداة للمساواة، إذ تتدافع جميع الأطراف للوصول الى مجموعة كاملة من الأسئلة التي يجب طرحها، ما يؤدي إلى نخر التميز الذي يتمتع به الغرب في مجال الطيران تاريخياً. قد يكون تاريخ الغرب أحياناً بمثابة عائق، إذ يوجد إغراءٌ مبررٌ لمحاولة تقييم هذه الآلات الجديدة بمصطلحات اُطلقت على تصميمات مألوفة مثل المروحيات والطائرات الخفيفة، ويمكن للصين استخدام هذا كحلٍ آخر للمضي قدماً.
مستقبل النقل الجوي
إنَّ فكرة السيارات الطائرة ممتعة للغاية ، وأنا سعيدٌ لأني أعيش في عالمٍ توجد فيه هذه الآلات. ولكنني لا أعتقد أنها تمثل مستقبل النقل الجوي الشخصي والجماعي ويتجاوز مكانة أكبر قليلاً من طائرات الهليكوبتر المخصصة اليوم للأغنياء. ربما تبدو أنَّها أشبه برحلاتنا الجويَّة ذات الميزانيَّة المحدودة، إذ تعمل شركات الطيران "شبه الإقليميَّة" من مساحات عامَّة كبيرة جداً، وتبدو أقل بريقًا، مع البحث عن الأسعار على مواقع الحجز، والخطوط، وفحص الأمتعة.
وأخيراً، يمكن لتجارب تصنيع طائرات آليَّة أنْ تصرف الانتباه عن استغلال ذات التكنولوجيات وتلعب على نقاط القوة الحاليَّة في الصين، وهو الطيران بدون طيار.
لقد قدمت الحرب في أوكرانيا عرضاً وحشياً للإمكانات الهائلة هنا، عند تنفيذ الهجمات في عمق أراضي كلا الجانبين. يعدُّ الجمع بين إعادة استخدام طائرات الركاب الكهربائيَّة VTOLs لنقل البضائع فقط مكانًا رائعًا للطيران الكهربائي، وأتطلع مستقبلاً إلى استخدام شاحنات التوصيل الطائرة أكثر من سيارات الأجرة.
عن صحيفة التايم