التوافق النفسي والاجتماعي بين الزوجين

اسرة ومجتمع 2019/06/18
...

منى محمد زيارة 
تعد الاسرة العامل المؤثر والاساسي في تشكيل سلوك الاطفال وبناء شخصياتهم،  ولم يختلف  المختصون الاجتماعيون والنفسيون والتربويون في ان دورها لا ينتهي مع انتهاء مرحلة الطفولة، بل يمتد لمراحل نمو الطفل الجسدي والنفسي،  وإذا كانت العائلة تحدد وترسم ملامح نموه في طفولته، فستحدد ايضاً مدى استقلاليته ومفهومه لذاته في مراحله اللاحقة .
كنْ صديقاً لطفلك
كلمات طالما سمعناها في البرامج التلفزيونية والافلام وفي بعض الاسر وان كانت بدرجة اقل، علينا الاعتراف ان كثيراً منا بقصد او دون قصد لم يشعروا بصداقة ابويهم له ويرجع ذلك لطبيعة المجتمع الذي يعيش فيه كل انسان والظروف المحيطة به بشتى انواعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فكل طفل ينظر الى والديه على انهما قدوة له وبحاجة اليهما دائماً، وهما ينظران الى طفلهما بانه صغير وضعيف وضرورة تشكيله مثلما يرغبان ليصبح قادراً على مواجهة ما يصادفه عند الكبر لكنهما نسيا ان كل هذا يعتمد على الطريقة الصحيحة لتربيته واحدى ركائزها ان تكون صديقاً لطفلك.
 
مشاكل عند الكبر
محمد حامد.. موظف: لم  يشعر بمعنى كلمة (اسرة) الا بعد انحراف احد ابنائه ،ويقول:  لدي خمسة ابناء احبهم بنفس الدرجة، لكن لم ابين لهم مشاعري هذه ابداً وكلما يولد طفل جديد في العائلة كنت اصب اهتمامي عليه واهمل اخوته الباقين، وهكذا حتى وقع ما لم يكن في الحسبان عندما اكتشفت ان احد اولادي اتهم بالسرقة والاعتداء بالضرب على احد اصدقائه، عندها اصبت بالصدمة وتساءلت مع نفسي ؛هل من المعقول بعد كل ما فعلته من تأمين مستوى معيشة جيد لهم أن تكون
هذه النتيجة؟!  لكن يبدو ان كل هذا غير ذي فائدة ، وما فعلته معهم في الصغر أتى علي بالمشاكل عند الكبر وادركت بانني لم أسألهم يوماً عن مدرستهم او اصدقائهم حتى اني لم اكلف نفسي يوماً بالذهاب للمدرسة للسؤال عنهم وعن سلوكهم ، ويبدو ان الاوان قد فات.
 
تنمر أطفالي
ندى محمد موظفة هي الاخرى أحست بالندم لكنها استطاعت ان تحتوي المشكلة، قبل ان تصل الى مرحلة يصعب علاجها، اذ قالت فقدت زوجي منذ سنين قليلة عندها عانيت الامرين بين توفير متطلبات الحياة لاولادي وبين تربيتهم، وقررت ان امارس عملين في آن واحد من اجل توفير لقمة العيش لهما لكنني فشلت في تربيتهم ، وقبل  عدة أشهر احسست بان ابنتي كئيبة باستمرار ونادراً ما تتكلم وكعادتي لم اسألها عن معاناتها واخذ حالها يزداد سوءاً وشعرت بالخوف كثيرًا وقررت الذهاب الى مدرستها وسألت بعض زميلاتها وعرفت انها تعاني من تنمر بعضهن عليها وينعتنها باليتيمة، لانهن لم يجدن احداً يسأل عنها في يوم ما، وبعد عناء كبير تمكنت من الحصول على ثقتها والحد من الانحراف الذي كاد ان يعصف بعائلتي الصغيرة .
 
مفهوم الاسرة 
تعرف الباحثة الاجتماعية الدكتورة ناز السندي ؛  الاستقرار الاسري بانه حالة طبيعية تعيش فيها اسرة خالية من المعوقات والمؤثرات السلبية والتي تؤثر بشكل مباشر في تكوين شخصية كل فرد من افرادها وأساس علاقتهم بعضهم بالبعض الاخر ومدى ترابطهم وعمق علاقاتهم 
الاسرية . 
التمييز في المعاملة 
عن اسباب التفكك الاسري تقول د.ناز:  احداث تمييز في علاقة الابوين بأحد افراد الاسرة دون غيره وهذا يعني ان هناك تعاملاً غير متوازن سيؤدي الى الاختلاف في المشاعر الذي يؤثر سلباً في تصرفاتهم وعلاقاتهم بعضهم ببعض، حتى تصبح مشكلة في داخل الاسرة،  والمشاكل النفسية في الصغر تتحول بمرور الوقت الى عقد نفسية عند الكبر ينتج عنها انسان غير سوي ليست لديه الثقة بالنفس، وكثيراً ما نلاحظ وجود شخص ما في مكان العمل يحاول ان  يفتعل المشاكل ويؤججها ما يعرضه  الى ضغوط نفسية وسوء توجيه تجعل منه انساناً مريضاً.
 
دورات مكثفة
تؤكد الباحثة بان المنظمات التي تعنى بحقوق الطفل والانسان والمناهضة للعنف الاسري لم تؤد دورها المطلوب، وهي منظمات شكلية هدفها اعلامي فقط، وقلة توفر المختصين بعلم النفس جعلها غير قادرة على ايجاد معالجات لاغلب المشاكل ا
لاسرية .
وتبين ان اغلب المدارس تفتقر الى وجود المرشد الاجتماعي والمختص بعلم النفس بالرغم من اهمية وجودهما في جميع المراحل الدراسية ابتداء من الروضة وحتى المراحل المتقدمة في الدراسة وخاصة في هذا الوقت لوجود تطورات وتغييرات تطرأ على عقلية ونفسية الطالب، وهؤلاء تكون لهم القدرة على التعامل مع شخصية كل طالب وتوجيهه بالاتجاه الصحيح للحيلولة دون وقوعه في المشاكل، معتبرة ان اغلب المدرسين وخاصة ذوي الاختصاصات العلمية يعانون من قلة الالمام بالجوانب النفسية للطالب وكيفية التعامل معه، ونطالب وزارة التربية بتنظيم  دورات مكثفة للتدريسيين تختص بدراسة الجانب النفسي والتربوي للطالب.
 
  الحلول والمعالجات 
عن اهم الحلول والمعالجات لانشاء جيل قادر على مواجهة الحياة والتعامل مع ما يصادفه خلال مراحل نموه  تقول د. ناز : ضرورة وجود توافق بين الزوجين قبل بناء الاسس العائلية وفي جميع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية
 والثقافية  للحيلولة دون نشوء اسر مفككة، وعلى الابوين تجنب اثارة المشاكل امام الاطفال واستخدام الاهانة او الضرب والشتم 
والعنف.
وضرورة التعامل مع الاطفال بطرق تربوية ونفسية ، على سبيل المثال اذا تبين ان طفلهم قد تعلم عادة الكذب او السرقة عليهم توجيهه بالابتعاد عن استخدام اسلوب
 التعنيف. 
وعلى الوالدين ان يوليا اهتماماً خاصاً له وخصوصاً في سن المراهقة، كونها مرحلة تغير بايولوجي وهرموني ، ولا يكون مسؤولاً عن تصرفاته لانها متغيرة ومتقلبة،  ويجب على الوالدين ان يقوما بالاطلاع الكافي والدقيق  على مقومات  انشاء  اسرة ناجحة  ينعم  افرادها بالاستقرار النفسي 
والاسري