علي حسن الفواز
يمثل مقتل الرهائن الصهاينة فشلاً كبيراً لحكومة نتنياهو وعجزاً أميركياً في السيطرة على تغوُّل الكيان الصهيوني، في سياساته، وفي عدوانه المتوحش، وهو ما دعا المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كوربي إلى التصريح بـ"ضرورة إنهاء الأمر في أسرع وقت ممكن" وعلى نحوٍ يجعل من وقف إطلاق النار خياراً أميركياً أكثر منه صهيونياً، لأن رهانات حكومة اليمين الصهيوني فقدت توازنها، ولم يعد لها سوى المزيد من العدوان والقتل الهمجي، والاندفاع باتجاه نوايا حربٍ تتجاوز سردياته المتخيلة، لأن ما يجري على جبهات الإسناد الداعمة للمقاومة يفضح تلك النوايا، ويكشف عن هشاشة العسكرة الصهيونية، ويضع الولايات المتحدة في حرج كبير، فما يعمد إليه نتنياهو في رهاناته العسكرية هو خيار الأرض المحروقة، وتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم، وهذا ما يتقاطع والمصالح الأميركية، مثلما يؤشر مدى التخبط الذي تواجهه حكومته.
جحيم الشرق الأوسط هو جحيم الكيان الصهيوني ذاته، فقواعد الاشتباك لم تعد محددة، وقوى المقاومة لم تعد بعيدة عن فرض معادلاتها العسكرية على الأرض، فرغم ما يمتلكه هذا الكيان من ترسانة مسلحة، ومن دعم لوجستي أميركي وغربي، إلّا أن واقع الحال أفقده القدرة على التحكم بإدارة المعركة، وعلى أسبقية سيطرته على معطياتها، فضلاً عن عدمِ ثقةِ كثيرٍ من الدول بسياسة حكومة الليكود الحمقاء، وتغوُّله في جرائم القتل المتوحشة، وما شهدته مدن الكيان الصهيوني من تظاهرات كبيرة بعد إعلان مقتل الرهائن يؤكد عشوائية خيار العدوان، وفشل أجهزته المخابراتية وعجزها عن تأمين المعلومات الكافية، فضلاً عن رثاثة ما تقوم به المؤسسة العسكرية من إجراءات لم تؤد إلى نتائج ستراتيجية في الميدان، مقابل ذلك فإن المقاومة الفلسطينية مازالت تفرض وجودها، وجبهات الإسناد ضيّقت على الكيان الصهيوني مساحات وجوده، وفتحت له جبهات متعددة.
ما أطلقت عليه بعض الصحف الغربية من تهكُّم وسخرية، جعلت من نتن ياهو يدّعي مغروراً بأن هذه الحرب ستكون الأخيرة، رغم أنه فشل في تحقيق أي نصر مزعوم، مع تجاوزه لكلّ الخطوط الحمر، حتى أضحت جرائمه تعيد إلى الأذهان جرائم الفاشست والنازية، فاستشهاد أكثر من 40 ألف فلسطيني هو شاهد قانوني وأخلاقي على تلك الجرائم، كما أن إدانة محكمة العدل الدولية لها تؤكد الطابع الإرهابي لها، وللسياسات التي تقف وراءها.