كتب: رئيس التحرير
لا أحد يستطيع إنكار أنَّ الفساد الماليّ والإداريّ تغوّل واستشرى خلال عقدين كاملين، فقد وجد في فوضى التغيير وهشاشة النظام وضعف التشريعات آنذاك منبتاً له، إلى الحدِّ الذي صار يجد في كلِّ وقتٍ مَنْ يُهيئ له الغطاء والحماية ليستمرَّ برغم كلِّ الأنشطة التي سعتْ للقضاء عليه أو الحدِّ
منه.
لكنَّ محاولات تحميل هذه الحكومة، حكومة السيد محمّد شياع السوداني مسؤوليَّة إثمٍ متراكم طوال عقدين من الزمن، هي محاولات أقلّ ما يمكن أنْ يقال عنها إنها غير منصفة إنْ لم تكنْ مغرضة وطامحة إلى مكسب سياسيّ آنيّ على حساب المصلحة العامَّة.
مشكلة الفساد مركّبة ومعقّدة، وقد ازدادت تعقيداً حين صارتْ في المدَّة الأخيرة مادةً لاستعراض إعلاميّ ومزايدات صوتيَّة. ومع الجزم بحقِّ الإعلام في تناول الملفات المسكوت عنها وهو حقّ ثابت وضروري، غير أنَّ طبيعة الوسائل الإعلاميَّة وارتباط كثير منها بمصالح حزبيَّة وفئويَّة بل شخصيَّة أحياناً والأداء المتشنج، كلّ ذلك يُسهم في بلبلة الشارع وتحويل الأمر إلى صراع لا منتصر فيه.
كلمة رئيس الوزراء أمس كانت ناظرة إلى هذه الحقائق حين قال إنَّ هذه الحكومة حكومة الجميع، وإنَّ الظروف التي شُكّلتْ فيها ما تزال ماثلة للعيان، وإنَّ المخاطر التي كانت محدقة آنذاك لم تزل تترصّدنا. ولذا فإنَّ المكاسب المتحققة مكاسب الجميع كما أنَّ محاولات تحميل الحكومة جريرة آفات متوارثة ستُلحق الضرر بالجميع أيضاً.