حرب قاتلة بصمت

الأولى 2024/09/10
...

 كتب: رئيس التحرير

لم يكن العراق مهدَّداً بخطر المخدرات كما هو اليوم. بلغتْ مخاطر هذه الآفة الصحيَّة والمجتمعيَّة حدّاً غير مسبوق، فلا يكاد يمرّ يومٌ دون أنْ تعلن الجهات الأمنيَّة عن العثور على كميّات كبيرة من هذه السموم والقبض على مروِّجين ومتاجرين بها، ما يعني أنَّ الجهد المبذول في مكافحتها كبير وفاعل لكنَّ حجم الخطورة لم يزل كبيراً هو الآخر.
الخطر لا يتهدَّد العراق وحده، فنحن وسط إقليم تتراوح دوله بين مصدِّرة لهذه الآفات وأخرى تشكّل أسواقاً لها بينما يمثل البعض الثالث معبراً بين الاثنين. وإذا كان من حلّ جذريّ ممكن لهذه البضاعة الجهنميَّة فلا يمكن لأحد تصوّره إلّا بجهد إقليميّ تُسهم فيه جميع هذه الدول المتضرّرة.
من خلال هذه الحقيقة يمكن فهم دعوة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني يوم أمس إلى "تكوين تحالف إقليميّ دوليّ لمكافحة المخدرات يكون العراق جزءاً منه"، على أنْ تسبقه مقدّمات دبلوماسيَّة تتمثل في العمل على استكمال وتفعيل مذكرات التفاهم المبرمة بين العراق ودول الجوار منفردة أو مجتمعة ليتسنّى للجميع ضمان سرعة تبادل المعلومات عن شبكات التهريب والاتجار بالمخدرات. خاصة أنَّ التفاهمات الإقليميَّة في هذا الصدد عكست في الآونة الأخيرة نتائج إيجابيَّة ملموسة.
ضحايا آفة المخدرات في العالم أكثر عدداً من ضحايا كلِّ الحروب المندلعة الآن، وإذا كانت تجري وقائعها المدمّرة بصمت دون دويّ مدافع أو طائرات، فلا يجب أنْ تواجه بالصمت نفسه، بل بكثير من العمل الدؤوب من قبل دول المنطقة كلّها.