صراع البقاء والتوسّع

آراء 2024/09/11
...

 يعقوب يوسف جبر 


ثمة ترابط وثيق ما بين ما دار وما يدور في أوكرانيا وما دار ويدور في غزة، فالعالم الدولي السياسي والاقتصادي ينقسم إلى قطبين متصارعين هدف كل منهما المحافظة على بقائه، وهيمنته ومصالحه 

الاستراتيجية. 

فالحرب الدائرة في أوكرانيا والتوغل الروسي فيها وما حدث في غزة يعكس رغبة المتنازعين في تحجيم قوة كل منهما، فيما اذا لم يتفاقم النزاع ويصل إلى مستويات خطيرة. ووسط تكهنات بعض المراقبين والمحللين باحتمال اندلاع حرب نووية، لكن هذه التكهنات لا تنسجم مع المنطق السياسي وأجندات الدول المتنازعة رغم التلويح من كل طرف باستخدام السلاح النووي. فاستخدام السلاح النووي يعني فناء الجميع، وهذا ما لا يفكر به أي طرف لأن التفكير به يعد ضربا من الخيال الجامح

والحماقة. ورغم أن النزاع سيستمر ويشتد، لكنه سيتوقف عبر مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة ومجلس الأمن. إن الحرب الدائرة ستغير الكثير من المعادلات السياسية، وستتوقف بإبرام معاهدات جديدة ترضي الجميع وهذا ما يتمناه الجميع. 

نسمع ونتابع هنا وهناك تصريحات من جميع الأطراف، مضمونها التهديد والوعيد، حتى أنها تصل إلى حد التهديد بإزالة الآخر ومحوه لكنها في الحقيقة، ماهي إلا تصريحات نارية، الغرض منها استراتيجي هو إظهار القوة أو تخويف الخصم، لتحجيم أدائه والضغط عليه، لكي يقبل بالصلح والسلام. 

بإزاء هذه التصريحات تعكف وسائل إعلام كل طرف على اظهار من تعمل لأجله بأنه القوي الجريء، الذي يملك امكانية هزيمة خصمه. ومن ضمن آليات هذا الإعلام هو الإعلام النفسي، لكسر إرادة الخصوم ودفعهم، إما إلى الاستسلام أو التفاوض لإيجاد الحلول. هكذا تبدو الحرب القائمة بصورتها الواضحة، فالغرض منها تكتيكي فهي، ليست حرب تدمير شاملة، بل هي حرب إظهار القوة من كل طرف، لكي يحافظ على وجوده وسيادته وبقائه. وبغض النظر عن طول أو قصر أمد هذه الحرب. لكنها في النهاية ستتوقف عبر طاولة المفاوضات، ثم يصار إلى إبرام معاهدات صلح ومعاهدات اقتصادية، لتحقيق التوازن في مسار 

القوى. وهذه سياسة دولية جديدة لخلق التوازنات على الارض وتمكين كل طرف من أن يحافظ على بقائه 

وحدوده.