عصام كاظم جري
التّغيير مرحلة انتقالية من حال إلى حال، وهو استغناء واستبدال، وبعض التّحوّلات تغلق الباب أمام فكرة اختلاق الأعذار والتراجع والجمود العقليّ والفكريّ، ولعل السبب من وراء ذلك الدعوة إلى التقدّم
والتطوّر نحو العالميّة والتواصل معها، وأولئك الذين يستطيعون تغيير عقولهم بإمكانهم تغيير كل شيء
يبدو أن بعض التحوّلات العلميّة والتطبيقيّة في الحياة العامة ليست اختيارية، وإنما عمل إجباري يشترط على الجميع اكتساب المهارة العلميّة والعقليّة والتكنولوجيّة، والإجباري هنا ليس بمعنى:
أِكْراهِيّ، اِضْطِرَارِيّ، قسرِيّ، قهرِيّ ... إلخ وبالضرورة أن يصاحب هذا التّحوّل تغيير في بعض المفاهيم القديمة والتخلي عنها، فالتمسك بها عودة إلى زمن قد توقف عن الاشتعال والإشعاع والإضاءة.
ولا أحد ينكر أن عجلة الحياة في تقدّم سريع ومتحرك، والانغماس مع التحوّلات يلزّم نفسه ويحددّ انتماءه، سواء أكان الإنسان يملك رغبة شديدة في التّغيير أم لا يملك، وسواء أكانت لديه قوّة إرادة، أم لم تكن لديه تلك المُخاطرة من أجل هذا التّغيير، وبالعموم التّغيير مرحلة انتقالية من حال إلى
حال، وهو استغناء واستبدال، وبعض التّحوّلات تغلق الباب أمام فكرة اختلاق الأعذار والتراجع والجمود العقليّ والفكريّ، ولعل السبب من وراء ذلك الدعوة إلى التقدّم
والتطوّر نحو العالميّة والتواصل معها، وأولئك الذين يستطيعون تغيير عقولهم بإمكانهم تغيير كل شيء.
يحدث أحيانا أن تكون الفرصة الذهبيّة التي أعطتها الحياة لنا قريبة جدا لنواصل التقدّم في أمور تعني الكثير منها مستقبلنا. وكل من يرفض فكرة التّغيير مصيره الانطواء والعزلة، فالتّغيير ناتج عن جهود حثيثة سريعة وجادة في أمرها، لذا أصبحت لشبكات التّواصل الاجتماعيّ أهمية كبيرة في حياة العراقيين عامة، وبدءًا من الجوجل واليوتيوب والفيسبوك... وغيرها، وهذه الأهمية لا تقف عند حدود ما، فاليوم تعدّ تلك الشبكة منصّة علميّة
وتعليميّة وثقافيّة من غير الممكن الاستغناء عنها، ولا ننسى أحداث وباء كورونا اللعين، حين ضرب العراق كيف تحوّلت شبكة الإنترنت ببرامجها كافة إلى سبورة وصف دراسيّ، ومقعد جلوس، ومعلّم وكراس وقلم وإدارة، بمعنى تحوّلت الشبكة إلى منظومة تدريسيّة متكاملة للطالبات والطلاب والتلاميذ في داخل البيوت، إن لهذه الشبكة أكثر من أهمية لا سيما بعد التّحوّلات، إذ أخذت من أغلب أولياء أمور الطلاب عهد الاعتراف والاستسلام
والرضا بهيمنة هذه الثورة التكنولوجية المعلوماتيّة العالميّة، وحين نحاول العودة إلى الوراء ونستذكر بعض الشواهد، ففي عهد الثمانينيّات والتسعينيّات من القرن الماضي كانوا أغلب أساتذة اللغة العربيّة والانجليزيّة ترافقهم كتب خاصة تسمّى القواميس/
المعاجم.
وسأكتفي بهذه الإشارة دون ذكر أسماء وعناوين تلك المعاجم، استخدمها أولئك الأساتذة للترجمة في داخل القاعة الدراسيّة، بغية تغذية المعلومة المفيدة للطالب، ولان نسى كيف بدأت بعض المطابع لطباعة وترويج المعاجم، لا سيما تلك التي يطلقون عليها قواميس "الجيب" يضعه أساتذة اللغات في جيوبهم للرجوع إليه أثناء الترجمة أو كشف مرادفات وأضداد بعض الكلمات والمصطلحات الغريبة أو بعض الكلمات الدخيلة في اللغة، ولأهمية التّحوّلات صارت شبكة الإنترنت بديلا متاحا للأساتذة في الرجوع إليها بغية إلّا تفوتهم شاردة ولا واردة من معاني الكلمات ومواطن استعمالاتها، من دون قواميس كبيرة أو صغيرة. فضلا عن أهمية بقية البرنامج كـ"الواتساب والتلغرام والانستغرام" وكذلك بعض صفحات "الفيسبوك" حيث صارت منصّات للتبليغ السريع للطلاب كافة، وقد حلّت هذه التقنية الفريدة محل لوحة الإعلانات الخشبيّة المؤطرة، والتي كانت تعلّق في مكان مخصص من أروقة بناية المدرسة والمعهد أو
الجامعة .