نرمين المفتي
تتكاثر الأحداث العراقية غير المنطقية، لدرجة أصبح فيها المواطن يحاول أن يقنع نفسه، بأن ما يحدث ليس سوى فيلم سيئ الإخراج والسيناريو، والممثل الناجح الوحيد فيه هو المواطن، الذي يظهر في الخلفية كومبارس، ليمنح بعض المصداقية، التي يفشل المخرج في ايصالها، وفي خضمها يأتي أعضاء الفريق العراقي البارالمبي من رياضيين ومدربين وإداريين، ليمنحوا هذا المواطن فرحة تمدد على مدى أيام بارالمبياد باريس 2024، وهم يحصدون الميداليات المتنوعة، والذي لم يحصل على واحدة، جاء في المرتبة الرابعة، أي أصبح قريبا من ميدالية، قد تكون ذهبية، في المنافسات القادمة. بدءا، فإن الرياضيين من أصحاب الهمم كانوا قد شاركوا في منافسات سابقة بارالمبية ودولية، وتمكنوا من حصاد الميداليات، ومن بينها أول ذهبية للعراق لبطل رمي الثقل جراح نصار، والذي نال الذهبية في بارالمبياد ريو دي جانيرو في 2016. بكلمات أخرى، هؤلاء الأبطال الذين يؤشرون لفشل اللجنة الأولمبية العراقية، والتي بدأت المشاركة في المنافسات منذ 1948، من اضافة ميدالية أولمبية اخرى على اليتيمة وهي برونزية في رفع الأثقال للبطل الراحل عبّد الواحد عزيز في رفع الأثقال في دورة 1960، لم يتحولوا إلى تريند في مواقع التواصل الاجتماعي والى احتفالات في الفضائيات وبرقيات تهان من مسؤولين بالرغم من انجازاتهم، كما حدث هذه المرة والسبب ايضا هو جعل المواطن أن يتناسى ولو لأيام معدودة ما يجري حوله، لكنهم هل نجحوا؟ لا اعتقد لأن البرامج الحوارية على الفضائيات والتي يبحث مقدموها عن (الطشة) يعملون وبإصرار على تذكير المواطن بالمشكلات فقط، من دون الإشارة إلى أي حل أو بعضه، ليصبحوا بدورهم وبارادتهم بعض مشاهد الفيلم الفاشل. يجب أن تكون الرياضة وسيلة لتوحيد الشعوب وإبراز أفضل ما في مواطنيها، ولا يجب أن تقتصر على كرة القدم فقط. إن إعطاء الفرصة والدعم اللازم لجميع الرياضيين يعزز من مكانة العراق الرياضية على المستوى الدولي، ويظهر للعالم أن العراق يقدّر جميع أبطاله الرياضيين».. علما أن رئيس اللجنة البارالمبية الوطنية العراقية، الدكتور عقيل حميد، طالب بالدعم المالي والانتباه إلى الرياضيين في مختلف اتحادات هذه اللجنة، والذين يحققون الانتصارات في المنافسات المحلية والعربية والدولية.. على أية حال، الحديث سيطول لو حاولنا الاشارة إلى ما تعانيه هذه اللجنة، علمًا أن أبطالها ومن بينهم ضحايا الارهاب الظلامي يعكسون الوجه الحقيقي للعراقيين اصحاب الارادة والتغلب على المصاعب وإفشالهم لمخططات الظلاميين. البطلة الذهبية نجلة محمد، 18 سنة، الوجه الأجمل والأنصع لهذه الارادة، طفلة في الرابعة من عمرها تفقدها عبوة لاصقة على سيارة والدها المنتسب ساقيها وذراعها اليمنى، لكن الوالدين لم يتوقفا عند ما فقدته الطفلة، واستمرا على معاملتها كطفلة اعتيادية، بالرغم من وضع العائلة المادي المتعفف، وحين شاهدا ميل طفلتهما إلى كرة المنضدة، احضر لها الاب مضربا وكرة لتتدرب في البيت بدون منضدة أو معدات.. ونالت الطفلة أولى ألقابها وهي في عمر 14 سنة، ومنذئذ لم تتوقف حتى حققت لقبين مهمين هذه السنة بطلة العالم وبطلة دورة بارالمبياد باريس، وللأبطال الآخرين معها قصص تشبه قصتها وكفاحها واهتمام اأهل بها، وان اختلف سبب إصاباتهم أو إعاقتهم. وتمكنت نجلة العراق الذهبية من اجتياز الاعدادية هذه السنة ايضا بنجاح.. واذ نحيي الجهات التي تحاول تحقيق احلام نجلة، أتمنى أن تقبل في كلية التربية الرياضية باستثناء من بعض الشروط، فلديها اهم شرطين اجتياز المرحلة الإعدادية وكونها بطلة عالمية وان يتم افتتاح قسم للرياضات البارالمبية في هذه الكلية، سواء في جامعة بغداد أو في الجامعات الأخرى وتستمر ضحكتها الحلوة غير المتصنعة والتي يمنحها جمالا طبيعيا يريح العين وتستمر عفويتها في لقاءاتها واتمنى ان يلتفت اليها صانعو الافلام الوثائقية، فهي افضل نموذج عراقي للحياة والتصدي إلى الإرهاب والانتصار عليه. تحية كبيرة لنجلة والأبطال الذين كانوا معها والذين سيستمرون بارتدائهم يحصدون الفوز ونقول معهم ان الرياضة ليست كرة القدم فقط.