آلة البيانو تمنح الشعور بالسعادة والتفوق الذاتي

ثقافة 2024/09/18
...

 عذراء المسعودي

تصل أسماعنا موجات موسيقية تتهادى من أنامل شاب برشاقة، وهو يعزف مقطوعة موسيقية ممزوجة بإحساس يعجز الكلام عن وصفه، جذبت لوح المفاتيح لآلة البيانو الحضور بمفاتيحها السوداء والبيضاء وحركة العازف، بمشهد يبعث على المتعة بسماع الموسيقى، التي توحي بالفخامة الممزوجة بالجمال، ولطالما تركت آلة البيانو انطباعا لدى الكثير من الناس بأنها دليل على الثراء والغنى، بسبب ارتفاع ثمنها وحجمها الكبير، الذي يضيق بمساحة صالات بيوت الفقراء، لكننا لمسنا بالآونة الأخيرة أقبال على تعلم العزف على هذه الآلة من قبل الكثير من الشباب في بغداد والمحافظات، وعن هذه الظاهرة تنوعت وتشعبت قصص عازفي البيانو، منهم من وجد فيها حبا لا يقاوم للموسيقى منحته الأمل ومعها أصبحت حياته أفضل بما يمنحه للآخرين من حس وجمال ومنهم تاثر بعائلته، التي تعشق هذه الآلة وشجعته على تعلمها والعزف عليها.
يقول آدم من بغداد أني لطالما أحببت العزف على آلة البيانو، منذ أن كنت صغيرا لأن والدي أيضا كان في شبابه يحب العزف عليها، فمثلت لي ليس هواية فقط، ألجأ إليها عندما أكون متعبا نفسياً، انما هذه الألحان تمنحني راحة نفسية.
يقول موسى عازف البيانو من البصرة إن حب العزف على البيانو كان لأسباب عدة، منها ما يمنحني اياه من قوة للتعبير عن مشاعري وأفكاري، من خلال
الموسيقى.
وأستطيع أن أنقل ما بداخلي من فرح، حزن، غضب، أو حب عبر الأصوات والنغمات المختلفة، هذه الآلة تساعدني على التواصل مع ذاتي. ويواصل موسى حديثه عن الآلة الأحب إلى نفسه بحماسة .. شغفي بآلة البيانو شجعني على التفكير الإبداعي وتطوير مهاراتي في التأليف الموسيقي.
هذه الأداة الموسيقية توفر لي مساحة واسعة للاستكشاف والإبداع، حيث أتمكن من تجربة نغمات وإيقاعات جديدة وإنشاء مقطوعات موسيقية فريدة. هذا الشعور بالإبداع يحفزني ويمنحني شعورًا بالتميز
والإنجاز.
واضاف.. أستطيع رؤية تقدمي وتحسن مهاراتي مع مرور الوقت، ما يعزز ثقتي بنفسي، فضلا عن أنها وسيلة للتواصل مع ثقافات الشعوب وتقاليد موسيقية مختلفة. من خلال العزف أستطيع استكشاف مجموعة متنوعة من الأنماط الموسيقيين العالميين، ما يعزز فهمي وتقديري للتراث الموسيقي العالمي، واتصال ثقافي، وتفاعل اجتماعي يجلب الفرح والمعنى لحياتي. تقول رسل عبد الغني من ذي قار أعزف لأنه لدي حب للبيانو منذ الصغر، كنت أشاهدها بكثرة في أفلام الكارتون وأحببت أن أجرب، لكن عندما بدأت أعزف شعرت أن هذه الآلة ساعدتني كثيرا على التخلص من مشكلات الخوف التي كنت أعاني منها. لأنني أعاني من الرهاب الاجتماعي، لكن البيانو خفف هذه المعاناة، ثم صرت أعزف أمام الناس من دون خوف، بعد هذا التغيير أدركت أنه من الصعب علي ترك هذه الآلة الموسيقية، فهي بمثابة العلاج النفسي ممكن أن تغير مشاعري إلى الإيجابية، لهذا أطمح إلى أن أطور نفسي لأعتلي خشبة المسرح، وأعزف البيانو أمام الجميع
يوماً ما.
وتقول مريم وليد عازفة من البصرة إن الموسيقى من خلال تجربتي الشخصية، كان تأثيرها في حياتي واضحاً، فقد ساعدتني أن أتخطى الاكتئاب الحاد الذي كان ملازما لي، وأعد ذلك إنجازا شخصياً. عندما أجلس أمام آلة البيانو وأبدأ بالضغط على مفاتيحها تتسلل إلى مسامعي ألحان، تجعلني أرى الجمال في كل شيء حولي، وكأن مقطوعات صوتية تخرج من اصابعي، مؤكدة أن البيانو بالنسبة لي حاجة وليست
رغبة.