الغابة.. مسرحيَّة من وإلى الأطفال

ثقافة 2024/09/25
...

  أحمد عساف 

عرض على مسرح الحمراء بدمشق مسرحيّة "الغابة" تأليف وإخراج لميس محمد بحضور واسع.

ومسرحية "الغابة" هو العرض الثالث للمخرجة بعد "المشاعر الخمسة" و "مدينة الأحلام". تؤكد محمد في هذا العرض أن مسرح الطفل يجب أن يكون "من الطفل إلى الطفل".  

في "الغابة" نحن منذ البداية أمام عرض مسرحي للأطفال يتميز عن بعض العروض المسرحية الموجه للأطفال، من حيث مشاركة 16 طفلاً كان معظمهم من أعمار تتراوح ما بين "5 - 11" عاماً، وهذه الميزة حديثة على مسرح الطفل في سورية، حيث اعتدنا على حضور الممثلين الكبار مع الأطفال. 

وعلى امتداد نصف ساعة من الزمن، ينجح الأطفال كثيراً في تقديم عرض هادف وشيق، ومثلما كان يحدث لنا ونحن أطفال حين تروي لنا جداتنا وأمهاتنا حكايات عن حيوانات وأساطير، سيكون هناك شخصيتان تتخذان دور الراوي. طفلتان تقفان على الجهة اليسرى من خشبة المسرح، ترويان لنا بين كل مشهد وما يليه حكاية القادم. كأن تقولان لنا كجمهور "سيهجم الضبع على الذئب وبلحظة غدر سيقتل الذئب"، فيبدأ مشهد هجوم الضبع على الذئب الذي يغدر بالذئب فيرديه قتيلاً. على حين تتخذ الشخصيات أشكال الحيوانات في الغابة، حين ترتدي لبوسها وتنجح، بل تتألق في تقليد أصواتها وحركاتها، مثل الدب والذئب والعنكبوت والثعلب والقرد والدجاجة والديك.. الخ.      

تسرد المسرحية غابة تعيش بمنتهى السلام والطمأنينة، ويغمرها الأمان، صمام هذا الأمان الذئب والدب، وبعد مصرع الذئب، يتحتم على النمر الصغير مهمة حماية الغابة وترتيب أمورها، سنكتشف أن النمر الصغير كسول وصديقه الثعلب الماكر المخادع يقوم بإفشال مشروعه ويلهيه عن مهمته، ثم يقوم الثعلب بلعبة خبيثة حين يلوّث مياه الغابة، فتمرض الحيوانات، وبعد أن يكتشف النمر خدع الثعلب، ينشب بينهم خلاف حاد، على أثره يطرد الثعلب من الغابة. 

فيكتشف النمر أن الأصدقاء ليسوا جميعهم حقيقيين، وأن كبار السن هم الأكثر معرفة ودراية في فهم الأشياء، لذلك علينا أن نصغي لنصائحهم، ونستفيد من تجاربهم. وهي رسالة مهمة من النص المسرحي للأطفال.

الملفت في هذا العرض المسرحي السينواغرافيا المتماسك من موسيقى وإضاءة وإكسسوار، توجت بالديكور الذي جعلنا نشعر أننا أمام غابة حقيقية، أشجار وجداول وأعشاب وورود، وأصوات حيوانات نفذها الأطفال بحناجرهم البريئة بمنتهى الدقة والجمال.

نجح الأطفال وتألق في هذه المسرحية، لكن الطفلة ماريا صنيج، 9 أعوام، التي جسدت شخصية العنكبوت، أجادت تعابير الوجه وحركات الجسد. لتنتهي آخر مشاهدها بمقولة مهمة ورمزيّة معبّرة بالنسبة للأطفال "لا لدخول الغرباء إلى الغابة".