طهران: لا نريد الحرب مع أحد
قضايا عربية ودولية
2019/06/21
+A
-A
عواصم / وكالات
شهدت الـ 24 ساعة الماضية مستجدات اشبه بالبرق الذي ضرب الملف «الاميركي الايراني»، وباتت اللحظات هي الفيصل في منع بزوغ نهار يأتي بخبر بدء حرب جديدة عنوانها «اميركا وايران» فبينما اعلنت ايران اسقاطها اكبر طائرة استطلاع اميركية في العالم، وامتناعها عن إسقاط طائرة استطلاع أميركية ثانية من طراز P8 كان على متنها 35 جنديا أميركيا، توجس العالم خيفة من شرارة اميركية تلهب ما تحت القش من رماد التوتر الاميركي الايراني المتواصل، ليأتي الخبر فجرا معلنا عن تراجع الرئيس الاميركي دونالد ترامب في اللحظات الاخيرة عن توجيه ضربة لايران.
وقال قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زاد “دفاعاتنا الجوية كانت قادرة على إسقاط طائرة استطلاع ثانية من طراز P-8 كان على متنها 35 عسكريا أميركيا كانت على مقربة من الطائرة المسيرة غلوبال هوك لكنها امتنعت عن ذلك”.
وأضاف أمير علي حاجي زاده: “لم نسقط تلك الطائرة لأن هدفنا من إسقاط غلوبال هوك كان توجيه إنذار الأميركيين”.
وأكد قائد القوات الجوية الإيرانية خبرا نشرته مصادر أميركية الأسبوع الماضي بأن الحرس الثوري حاول إسقاط طائرة أميركية مسيرة اقتربت من ناقلتي النفط في خليج عمان بعد استهدافهما.
وقال إن “تلك الطائرة كانت من طراز MQ-9 والدفاعات الجوية أطلقت تجاهها عيارات تحذيرية ولو أرادت إسقاطها لفعلت”.
وأعلن قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زاده، أن قرار استهداف الطائرة الأميركية المسيرة وإسقاطها اتخذ بعد تحذيرها ثلاث مرات.
وأكد للتلفزيون الرسمي الإيراني أن آخر إنذار وجه للطائرة كان عند الساعة 03:55 فجرا، إلا أن عدم استجابتها للتحذيرات دفع بقواته لاتخاذ قرار إسقاطها في الساعة 04:05.
وأضاف أن الطائرة الأميركية “تجاوزت الحدود الإيرانية”، وهددت أمن البلاد بعد إقلاعها من العاصمة الإماراتية أبوظبي.
وأشار إلى أن قواته انتشلت القطع الخفيفة الطافية التي تبقت من الطائرة، بينما غرقت القطع الأثقل في البحر، كما يجري نقل حطامها حاليا إلى العاصمة طهران.
وشدد على أن حطام الطائرة يعتبر “وثيقة تثبت انتهاك واشنطن للحدود الإيرانية” حسب تعبيره.
احتجاج ايراني
واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير السويسري لدى طهران، وسلمته مذكرة احتجاج على انتهاك الطائرة الأميركية الأجواء الإيرانية، وحملته رسالة إلى واشنطن.
وجاء في مضمون الرسالة أن طهران لا تريد الحرب مع أي دولة بما فيها الولايات المتحدة، لكن القوات المسلحة الإيرانية لن تتحمل أي إجراءات عدائية وسترد عليها بقوة ومن دون تردد.
وأبلغت وزارة الخارجية الإيرانية السفير السويسري ماركوس لايتنر، بأن طهران التزمت ضبط النفس، من أجل الحفاظ على أمن واستقرار منطقة الخليج وخليج عمان، وأضافت أنه في حال اتخذت واشنطن أي إجراءات استفزازية غير محسوبة، ستواجه برد مقابل لا يمكن توقع تداعياته والأضرار التي سيلحقها بكل الأطراف.
وسلم مساعد وزير الخارجية الإيرانية ومدير دائرة الشؤون الأميركية في الخارجية الإيرانية محسن بهاروند مذكرة الاحتجاج إلى السفير السويسري، على اعتبار أن سويسرا هي راعية مصالح واشنطن في طهران، وقدم له الإحداثيات الخاصة بموقع إسقاط الطائرة الأميركية في المياه الإيرانية، وأبلغه بأن حطام الطائرة في حوزة القوات الإيرانية، وسيتم عرضه عند الضرورة.
وكانت وكالة “رويترز” نقلت عن مصادر قولها إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أرسل رسالة عبر عمان إلى طهران ليلة أمس يحذر فيها من هجوم مرتقب على إيران، وجاء فيها قول ترامب: “نحن لا نريد الحرب، بل نريد المحادثات”، كما منح الإيرانيين مهلة للرد على رسالته.
وردت طهران بالقول، إن خامنئي يعارض “أي نوع من المحادثات” مع الولايات المتحدة، لكنه استلم الرسالة التي نقلتها عمان.
اللحظات الاخيرة
في المقابل ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان قد وافق على توجيه ضربة عسكرية لأهداف إيرانية ردا على إسقاط طائرة مسيرة أميركية أمس، قبل أن يتراجع عن هذه الخطوة بشكل مفاجئ.
وحتى الساعة 7 من مساء امس الاول الخميس، كان المسؤولون العسكريون والدبلوماسيون يتوقعون توجيه الضربة، وذلك بعد مناقشات مكثفة في البيت الأبيض بين كبار مسؤولي الأمن القومي والرئيس وزعماء الكونغرس، حسبما نقلت الصحيفة عن عدد من كبار المسؤولين في الإدارة الذين شاركوا في المداولات أو اطلعوا عليها.
وذكر المسؤولون أن ترامب وافق في البداية على هجمات على عدد من الأهداف الإيرانية، مثل بطاريات الرادار والصواريخ.
وقال مسؤول كبير في الإدارة: إن العملية كانت جارية في مراحلها المبكرة والطائرات كانت في الجو والسفن في موقعها عندما جاء الأمر بإلغاء الضربة.
وحسب الصحيفة، فإن العملية كانت مقررة قبل فجر الجمعة بتوقيت إيران لتقليل المخاطر التي قد يتعرض لها الجيش الإيراني أو المدنيون.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان ترامب قد غير رأيه ببساطة بشأن الضربات أو أن الإدارة قد غيرت المسار بسبب اللوجستيات أو الستراتيجية، كما أنه من غير الواضح أيضا ما إذا كان شن الهجمات لا يزال أمرا محتملا.
وكان الهدف من خطة الانتقام هو الرد على إسقاط طائرة استطلاع بدون طيار بقيمة 130 مليون دولار، ضربتها إيران بصاروخ “أرض- جو” صباح الخميس فوق الخليج في المياه الإقليمية الإيرانية حسب طهران، بينما تصر واشنطن على أن الحادث وقع فوق المياه الدولية.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني إسقاط طائرة تجسس أميركية مسيرة فجر أمس الخميس في محافظة هرمزكان جنوب إيران، بينما قالت واشنطن: إن الطائرة أسقطت في المجال الجوي الدولي.
في السياق نفسه كشف مسؤولون في البنتاغون لوسائل إعلام أميركية تفاصيل إضافية حول خطة الولايات المتحدة لضرب أهداف إيرانية ردا على إسقاط إيران طائرة مسيرة أميركية .
وأكد المسؤولون لمجلة “نيوزويك” أن قوات الولايات المتحدة في المنطقة، بما فيها الطراد USS Leyte Gulf المزود بصواريخ مجنحة، وضعت في حالة تأهب لمدة 72 ساعة، وتم إيقاظ العسكريين في الساعة الثانية من ليلة أمس بالتوقيت المحلي، وكان من المقرر أصلا أن تنفذ الضربات في غضون ساعة، لكن لم يحدث شيء، وبقيت خطة الهجوم معتمدة حتى الساعة 3:00- 3:30 من صباح امس الجمعة.
وأكد المسؤولون أن بين الأهداف التي كان من المقرر ضربها منظومة صاروخية أرض-جو من طراز “إس-125 نيفا/ بيتشورا” سوفيتية الصنع، يعتقد البنتاغون أنها هي التي أسقطت الطائرة المسيرة الأميركية، رغم إعلان الحرس الثوري الإيراني عن استخدام منظومة “خرداد” محلية الصنع في العملية.
وذكر مسؤول آخر في وزارة الدفاع لوكالة “أسوشيتد برس” أن قائمة الأهداف التي أعدها البنتاغون شملت رادارات وبطاريات صاروخية.
وأفادت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلا عن مسؤول في البنتاغون تأكيده بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وافق على تنفيذ العملية ثم تراجع عن قراره.
صناعة القرار الاميركي
بدوره اعتبر أعضاء في الكونغرس الأميركي عن الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس دونالد ترامب، أن إيران استفزت بلادهم عندما أسقطت طائرة تجسس أميركية مسيرة فوق المياه الدولية.
ودعا عدد من كبار الشخصيات الجمهورية بمجلس النواب الى الرد على إيران “ردا محسوبا”.
في الوقت نفسه قال زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ تشاك شومر بعد اجتماعه مع الرئيس دونالد ترامب: إن موافقة الكونغرس ضرورية لتمويل أي صراع مع طهران.
وأضاف: “لقد ذكّرنا ترامب بأن الموقف الديمقراطي هو أنه لتمويل أي صراع مع إيران، يجب إقراره في الكونغرس، ومن أفضل الطرق لتجنب الانجرار إلى الحرب التي لا يريدها أحد، أن يكون هناك نقاش قوي ومفتوح وأنه يجب أن يتمتع الكونغرس بحق حقيقي”.
ودعا شومر الجمهوريين في مجلس الشيوخ إلى السماح بإجراء تصويت على تعديل مشروع قانون الدفاع السنوي، الذي يحظر استخدام الأموال للعمليات العسكرية ضد إيران دون إذن صريح من الكونغرس.
ووفقا له، ذكر الرئيس ترامب أن مثل هذه الصراعات “تميل إلى التصعيد” وأضاف شومر: “ربما لن يقاتل الرئيس هناك، لكننا قلقون من أن الإدارة قد تتورط في الحرب”.
بدورها اكدت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي في بيان نشرته على موقعها على الانترنت: “من المهم أن نبقى على تواصل كامل مع حلفائنا وأن نفعل كل ما بوسعنا لخفض التوتر”.
وأضافت: “هذا موقف خطير وشديد التوتر يتطلب نهجا قويا وذكيا وستراتيجيا وليس متهورا”.
النسر العالمي
الطائرة التي اسقطتها ايران تبلغ قيمتها أكثر من 120 مليون دولار هي أغلى من أي طائرة مقاتلة أميركية، وهي الأكثر تطوراً في ترسانة الجيش الاميركي،
وطائرة التجسس التي تعمل لصالح البحرية الأميركية والمعروفة باسم “النسر العالمي للارتفاعات العالية والبعيدة المدى” مجهزة بأحدث أجهزة التجسس والمراقبة. ويرى الخبراء أن إسقاط الدرون المخصصة لمراقبة المحيطات والسواحل كان أقرب إلى المستحيل كونها تحلق على ارتفاع شاهق يبلغ 65 ألف قدم.
وطارت هذه الدرون أول مرة عام 1998 وهي في الخدمة منذ 2001.
أما النموذج الذي أسقطته إيران والمزود بأجهزة تجسس متطورة، فقد دخل في خدمة البحرية الأميركية عام 2017 وهو قادر على الطيران لمسافة 8200 ميل، ولمدة 24 ساعة دون توقف وعلى ارتفاع شاهق.
موقف اممي
من جانبه أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش، عن “قلقه الشديد” تجاه تصعيد الوضع في منطقة الخليج إثر إسقاط إيران طائرة أميركية مسيرة. وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة للصحفيين: “الأمين العام قلق للغاية ويحذر من تصعيد الموقف. لا يمكن للعالم أن يسمح بصراع عسكري في هذه المنطقة”. وأضاف دوجاريك: “يدعو (الأمين العام) جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب أي إجراءات قد تؤدي إلى تفاقم الوضع”. وعندما سئل عن التحقيق في الحادث، قال المتحدث باسم الأمين العام إنه “يجب إثبات كل الحقائق”، مضيفا أنه حاليا يتم النظر في هذه المسائل “من قبل جميع الأطراف”، مشيرا إلى أنه سيرى ما إذا كانت الأمم المتحدة قد تلقت أي شكاوى بشأن الحادث من جانب الولايات المتحدة أو إيران.
اجتماع اوروبي
من جانب آخر من الملف الايراني أعلن الاتحاد الأوروبي، عن عقد لقاء في فيينا يوم 28 حزيران الجاري، والذي سيركز على العثور على حل للمشاكل، التي ظهرت بعد استئناف العقوبات الأميركية ضد إيران، وتصريحات طهران حول التزاماتها النووية. وستشارك في لقاء يوم الجمعة المقبل إلى جانب الاتحاد الأوروبي وإيران، روسيا وبريطانيا وفرنسا والصين. وجاء في بيان الاتحاد الأوروبي: «تمت الدعوة للقاء بهدف ضمان التنفيذ اللاحق لخطة العمل الشاملة المشتركة، من جميع جوانبها ومناقشة سبل مواجهة التحديات الناشئة عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية وإعادة تطبيقها للعقوبات المفروضة على إيران، وكذلك لبحث تصريحات إيران الأخيرة بشأن الوفاء بالتزاماتها النووية”.