الدولة والإعلام والحكم الرشيد

آراء 2024/09/26
...

وليد خالد الزيدي

لا يمكن تصور أداء أي حكومة من دون منح الإعلام مساحة واسعة من العمل الحر المهني النزيه، ليتحقق التوازن في النظرة السوية بين السلطة وعامة الناس بواقعية نقدية شفافة، مبنية على مفاهيم علمية وأكاديمية وأساليب متجردة من المصالح الذاتية مبتعدة عن الأطر الحزبية أو الفئوية أو العلاقات الشخصية، طالما أن طرفي المعادلة (الحكومة والإعلام) يهدفان للعمل الوطني وتحقيق غايات المجتمع ويطمحان لتأسيس دولة حديثة، يقودها حكم رشيد منبثق من إرادة الشعب بكل أطيافه.
الإعلام محور مهم في مفهوم الدولة العصرية، لأنه يسهم بإبراز حقيقة الأمور ودقة الأحداث وإيصالها بأمانة وتفسيرها بمنطقية من دون زيف أو إسفاف وبتصورات عقلية قريبة من مدارك الناس ومستوى فهمهم، وطرق تفكيرهم واعتباره وسيلة اتصال جماهيرية، لا سيما الفضائيات والصحف بما تقدمه من فعاليات كالأخبار والبرامج والتقارير المصورة والتحقيقات الإقصائية والآراء السديدة، بشأن واقع العمل الحكومي لإيصال الحقائق بصدق وبما يمكن تغييره في المناخ الاجتماعي، لتشجيع السلوکيات السوية وتفعيل الوعي وتصويب المواقف وتحفيز الأفراد على تبني مفاهيم صحيحة، ليحصل الترابط الوظيفي بين العمل الحكومي الصحيح (من جهة) ووسائل الإعلام الوطنية(من جهة أخرى)، وبما تقدمه من رسائل بليغة لتحسين المناخ الاجتماعي وتبنى مفاهيم منطقية تؤدي دورها في تثبيت الحقائق أمام الرأي العام بتجرد وأمانة.
قضية مهمة لا مناص من إظهارها حاليا، وهي جزئية الترابط الجوهري بين الإعلام الوطني ونظرة الحكومة له، باعتبارها راعية لكل مصالح البلد، فالإعلام يفترض تناوله بموجب مفهوم البحث العلمي، وفي ظل واقع بلدنا وأهمية النظرة الشفافة لطبيعة الأداء المؤسساتي ومؤشراته المبنية على أرقام وإحصاءات الجانب التنفيذي الخدمي، بحيث تسهم وسائل الإعلام في وضع المواطن البسيط بالصور الحقيقية، لجميع مراحل العمل لأهميتها وما يرتبط بها من تصويب النظرة الواقعية وانعكاساتها على تحفيز أدوات التأثير الإيجابي لمواجهة التحديات، كما يلعب الإعلام دورا استثنائيا ملموسا في زج المواطن، كعنصر ثالث في البناء الوطني، إذا ما لمس نتائج الأداء الحكومي السليم، وتابعه بالصورة والصوت كواقع متواصل، بعيدا عن الاتجاهات المشبوهة فربما اطر خارجية بافتراضات مبنية على نظريات جامدة تعتمد تحليلات غير واقعية متحيزة تحشر نفسها في الشأن العراقي.
ولا بد من تناول اهتمام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بدور الإعلام، متمثلا بشبكة الإعلام العراقي وعملها ومهامّها وتعزيز مهنيتها في البيئة الوطنية، لخدمة منصفة للمجتمع وإسنادها باستحصال المعلومات وعرضها بدقة وأمانة أمام الشعب، لتعكس حقيقة أداء حكومته، استنادا لثوابت العمل المهني السليم، واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من حياة العراقيين ونافذةً على العالم وأداة تواصل بين فئات المجتمع، وتوثيق الأحداث وكشف قضايا الفساد والانتهاكات، ليعزز دورها في إبراز الظواهر المنحرفة وخطورتها على برامج الدولة لوضع لبنات بناء متماسكة لعلاقة وطيدة بين السلطة والإعلام وأعراف المجتمع.