حمزة مصطفى
أما نحن العرب فنصيبنا منه، أي من هذا العجز المزمن لما يسمى “مجلس الأمن الدولي” حصة الأسد والبغل والحمار والبرغوث من أرقام الفيتو. هذا الحق الظالم الذي فرضه الخمسة الكبار بعد انتصارهم في الحرب العالميَّة الثانية التي حصدت بدمٍ باردٍ عشرات ملايين الضحايا معظمهم من قارتهم الأوروبيَّة.
وبينما كانت حصة أوروبا بعد نهاية الحرب “مشروع مارشال” كتعويضٍ عمَّا أصابها من خرابٍ فقد كانت حصة اليابان الآسيويَّة قنبلتين تمَّ تدشينهما على مدينتي هيروشيما وناكازاكي، ولم تكن تلك القنبلتان سوى قنابل نوويَّة “تازة” لم تجرب من قبل. إذن جربت وانتهى الأمر.
انتهت الحرب وبدأ التفوق، تفوق الرجل الأبيض الذي أكل الأخضر واليابس من موارد الشعوب وقدراتها. الخمسة الكبار “أميركا، الاتحاد السوفياتي حتى عام 1991 روسيا بعد ذلك، بريطانيا، فرنسا، الصين” تقاسموا كل المواريث ووضعوا لها قوانين وقرارات وإجراءات تخدم مصالحهم.
لكنْ في ما بعد وبالذات بعد قرار التقسيم الظالم عام 1947 بشأن قيام إسرائيل ومن ثم حرب عام 1948 لم يعد هناك مجلس أمن دولي بالمعنى الذي تمَّ الاتفاق أو التوافق عليه بين هؤلاء الكبار بقدر ما تحول الى مجلس “ظلم” دولي من خلال احتكار حق النقض “الفيتو” من قبل الولايات المتحدة الأميركيَّة فقط لصالح الكيان الإسرائيلي وبالضد من كل حقوق العرب حتى لو كان حقهم في أكل البطاطا المسلوقة. الغريب في الأمر أنَّ الدول الأخرى في مجلس الأمن ممن تملك حق الفيتو ومن بينهم إثنان مصنفان تاريخياً على أنهم من أصدقاء العرب “روسيا والصين” لم يحلوا ولم يربطوا حيال ما يصدر من قراراتٍ ظالمة مجحفة ضد العرب وبالأخص في ما يتعلق بالقضيَّة الفلسطينيَّة التي كان العرب يطلقون عليها “القضيَّة المركزيَّة”.
وحيال هذا الظلم المتكرر من دون اتخاذ أيَّة إجراءات من قبل باقي أعضاء المجموعة الدوليَّة سواء خمسة مجلس الأمن الكبار أو مجموع الدول المنتمية الى الأمم المتحدة وهم كلّ دول العالم المستقلة ربما باستثناء أرض الصومال وإحدى القبرصين، فإنَّ مجلس الأمن تحول أخيراً الى مجلس “عجز” دولي. المفارقة أنَّ أول أو أكثر اللاطمين عليه هو الأمين العام أي الرجل الأول في المنظومة الدوليَّة، الرجل الذي يحمل أرفع وظيفة في العالم. وفي حالنا اليوم رزقنا الله ولأول مرة بأمين عام منصف و”ابن أوادم” لكنْ كالعادة ليس بيده شيء. والسبب هو الحق الظالم الذي تملكه أميركا الدولة المحكومة من قبل اللوبي الصهيوني قلباً وقالباً فاز الديمقراطيون أم خسروا، خسر الجمهوريون أم فازوا.. النتيحة كل واحد منهم “تافل بحلك الثاني”.