محمد غازي الأخرس
إذن، فقد مضى شهيداً كما تمنى وتوقع مرات ومرات في خطاباته، بل مضى على سنة من استشهدوا قبله وألهموه المضي على طريقهم وأولهم أبو عبد الله الحسين (ع). ما من عاقل توقع أن يموت حسن نصر الله حتف أنفه، أو بتعبير أحد المعلقين، بالسرطان أو بالسكتة القلبية. ذلك المعلق قال: لمن صنعت طائرات إف 35 إذن، لمن دربوا الجواسيس، ولمن صنعوا الصواريخ الذكية؟ صنعوها لحسن نصر الله ورفاقه، الرجال الذين دأبوا على ارتداء أكفانهم منذ أول يوم تصدوا فيه لمثل هذه المهمات. وبغض النظر عن رأينا ورؤانا حول الخطاب الثوري، وأثره في شعوب متعبة كشعوبنا، إلا أن زعيم المقاومة الأول كان ملهماً للشبان، لدرجة أن صوره طبعت على القمصان في شوارع المدن العربية، خصوصاً مع انكسار الروح العربية المزري.
نعم، استشهد الرجل ذو الحضور الطاغي عند محبيه وخصومه، ليدخل إلى التاريخ، فمصير أمثاله معروف، ومن النادر أن يخرج عن هذه النهاية. لهذا مضى وهو على بصيرة من أمره، بل أنني أتخيله ربما لاقى الموت مبتسماً كما كان يظهر في خطاباته. تختلف معه أو تتفق، إلا أنه، منذ أن تسلم قيادة حزب الله بعد استشهاد عباس الموسوي، تحول إلى ملهم لجيل كامل، ولعل خسارة هؤلاء الأتباع تكمن هنا، إذ هل ثمة من سيملأ فجوته الهائلة سريعاً؟ هل هناك من يملك طاقة الشجاعة العظيمة التي كان يبثها في الجميع؟ أتمنى ذلك، لكنني شخصياً محبط وحزين، وأحسب أنه لن يعوض بسهولة.
إلى كتاب الخالدين يا حسن نصر الله، رحمك الله وحشرك مع نبراسك الحسين