أمس كان يوماً كربلائياً مشهوداً. فالرجل الذي قاد مسيرة الشرف والكرامة ضدَّ أعتى مخلوقات الأرض هوى عن فرسه بعد أنْ أخاف أعداءه ردحاً طويلاً من الزمن وأذاقهم الهوان أربعين سنة. كان مجرَّد نطق اسمه يُثير الرعب في قلوب الصهاينة، وكانت طلّته وقسمات وجهه ونبرة صوته جيشاً باسلاً تخفق فيه الألوية.
بعد حياةٍ ملأى بالجهاد مترعة بالكرامة ومشحونة بكلِّ ما يدعو إلى الفخر، وبعد عمرٍ كاملٍ قضاه مستنفراً في طريق كان يعرف أنه طويل شاقّ قدَّم فيه قرابين غالية من بينها ابنه البكر "هادي" وكثير من أهل بيته وأقربائه وأصحابه، وبعد أنْ كان قطب الرحى الذي دارت عليه حركة المقاومة كلّها، بعد هذا كلّه، حانتْ أمس لحظة نهاية هذا السفر المضيء، ولا يمكن لأحد أنْ يتصوّر نهاية أعظم وأسمى وأشرف من نهاية كهذه تصلح أنْ تكون ختاماً لحياة السيّد حسن نصر الله؟
رجالٌ نادرون، وأوّلهم الحسينُ، أولئك الذين مسّهم الموت فعاشوا أكثر وأكثر.
وأفرادٌ قلائل، وقائدُهم الحسين، أولئك الذين أخافوا أعداءهم أحياءً وأمواتاً.
وقليلون جداً وسيّدُهم الحسين هم الذين عاشوا حياتهم رموزاً وأغمضوا أعينهم أساطير.
وأنت ..أنت قطب رحى المقاومين الشرفاء في هذا العصر، أيها السيّد الذي غادرنا إلى المجد والخلود.