نحن وعالم اليوم

آراء 2024/09/30
...

  حسب الله يحيى

سلسلة الاغتيالات التي طالت عددا من الشخصيات الوطنية في الشهور الأخيرة، على وفق طرق سيبرانية دقيقة، ومن ثم عمليات تفخيخ أو إرسال ذبذبات خاصة في أجهزة التواصل الاجتماعي، والتي ألحقت الدمار في المنظومتين البشرية والعمرانية؛ لا بد أن نتوقف عندها ونعرف موقعنا منها بوصفها أصبحت سلاح العدو
الراهنة.
فهل يمكن لنا البقاء على محاربة الجرائم الصهيونية بالأسلحة التقليدية وتحقيق النصر بواسطتها؟
إن هذه النظرة الراهنة والتقليدية، باتت متخلفة أو محدودة أمام ما يجري اليوم في الساحة الحربية، التي بات العدو يعتمدها ويعمل على ابتكار المزيد منها والاحتفاظ بأسرارها اللاحقة ومباغتة الانسان العربي في جميع مرافق حياته..
في حين باتت الدهشة تنتابنا، ونحن نتلقى سلسلة ضربات عدوانية، لم تكن  في حساباتنا على الأقل.. حتى اننا لم نسلم بحقيقة أن هذه الطاقة التي بات يملكها العدو، ويخطط لها من خلال الذكاء الاصطناعي، وما يجري عليه من تطورات وتجارب سريعة ومتلاحقة لا أهمية لها لدينا، وأن هذا العدو سيظل  يخشى أسلحتنا التي نعدها له، وبقينا نعتقد أن آفاق العلم المسلح سيظل بعيدا عن أجوائنا.
في حين نجد هذا الذكاء الاصطناعي، الذي لم يكن يعتمد على ابتكار أجهزة الاتصال لوحدها بوصفها إحدى معطياته، وحسبنا أن عمله قد توقف عند هذه الحدود.. فهو فهم قاصر ومتخلف ومحدود جدا.
وعلى ضوء هذا الطبع الاستهلاكي في استخدام أجهزة الاتصال المتطورة وحتى القديم منها، والذي عشناه ومارسناه وبات جزءا أساسيا في حياتنا اليومية، نستخدمه في الغالب للتسلية وقضاء بعض الحاجات العابرة، وبقينا نعتقد أننا امام أدوات آمنة من هذه الأجهزة، وأنه لا خيار لنا إلا في اقتنائها، وأننا يمكن أن نقاتل بأسلحة الماضي وخطابه السلفي وعنترياته، التي لا يمكن لها ان تواجه سلاحا علميا ذكيا، له القدرة على تدمير كل شيء من دون ان يلحق ضررا في الطبيعة
الإجرامية لمستخدميه.
نحن لم نستعد لمواجهة هذا الواقع العلمي التدميري، التي باتت رقعته تتسع يوما بعد آخر، واصبح سلاح الاستخبارات والأجهزة الأمنية هو الذي يغذي هذه الأجهزة
الدقيقة بالمعلومات.
اذن نحن أمام أخطار باتت تحدق بنا وتستغل كسلنا وسكوننا وانصرافنا إلى عوالم الماضي المتخلف، واخذت تحاربنا بكل ما هو علمي متجدد وعقلاني متغير وابتكاري متجدد، كما ان من طبعنا السلبي ان الكثير منا لا يحتفظ بأسرار بلاده.. وندع الكثير من اسرار البلاد تتسرب إلى العدو، والذي يفيد منها ويعيدها إلينا
موتا ودمارا وكوارث.
نحن نعيش سلسلة صراعات جانبية، وخلافات شديدة الوطأة على واقعنا الاجتماعي والسياسي والمعرفي.. ؛ من دون أن ندرك عواقب
ما يجري حولنا..
وما زال الكثير منا يعتمد على أمجاد مضت، وأحداث ووقائع مرت، وأقوال وحكم ظلت أسيرة زمانها ومكانها وعالمها.. وتحاول العديد من القوى إلى التشبث بهذا الواقع الساكن والمتخلف، من دون ان نلتفت إلى ما يدور حولنا من متغيرات شاسعة باتت تترك اثرها على كل شيء، وبشكل خاص على الانسان، الذي لا نريد له أن يموت وهو متمسك بتقاليد لم تعد صالحة للاستخدام في حياتنا الراهنة.
من هنا نرى.. إننا إذا أردنا للعراق ولوطننا العربي أن يبقى وطنا سليما وأمة للجميع، وأن تكون بلادنا متسعة لأهلها وأن خيراتها لهم وعليهم كيفية استثمارها واستخدامها، فإن ذلك الامر يتطلب الصحوة.. صحوة عقل ومنطق وانفتاح على العالم المتحضر، وأن نعيد الثقة بالعلم والمعرفة وطلب المزيد منهما، وكذلك معرفة طبيعة ما يفكر به عدونا من أعمال إجرامية، لا أن ننكفئ على ماض لا يمدنا بشيء إزاء متغيرات حياتنا الآنية.
اما اذا بقينا نعد الماضي حلمنا الاثير ومجدنا المضيء والذي نريد أن نعيد ألقه الآن؛ فإننا ماضون إلى دمار حقيقي والى عواقب لا يمكن لنا أن نخرج من أزماتها بسلام.
نعم.. نحن ملزمون ومعنيون بما يجري من متغيرات علمية ومعرفية جديدة حتى نعيش في نبض العصر.. لا ان نبقى في كهوف معتمه وكأن الامر لا يعنينا الا من جانبه الاستهلاكي حسب.
إن كل ما يجري في العالم يعنينا جميعا، ذلك اننا جزء فاعل ومهم في منظومة هذا الكون، وعلينا
أن نعرف كل أبعاده.