سوسن الجزراوي
(استمرار الحرب يدفع لبنان نحو المجهول)، بهذه العبارة لخّص وزير الاقتصاد اللبناني، الوضع في لبنان! فما بين 10 إلى 25 %، ستكون نسبة الانهيار الاقتصادي الذي ستؤول إليه الأحوال هناك، والتي لا تختلف بشكلها العام عن أية دولة من دول العالم، تحاصرها مدافع الحرب وغارات العدوان الشرس، وتستعر فيها مزايدات الشر، سواء من الداخل أو من خارج منظومة الوطن.
ما حصل قبل أيام، وأقصد عملية اغتيال زعيم المقاومة حسن نصر الله عبر هجوم صاروخي، اخترق مقر عملياته أثناء الاجتماع، الذي كان يعقده مع مجموعة من القيادات العسكرية، كشف عن مشهد مرعب وصورة سوداء، لربما ستكون خلفية كل الجمال الذي تتصف به لبنان، وسيتحول الأمان الذي كان يراوح بين مدٍ وجزر عبر سنوات وسنوات بل عقود من الزمن، إلى كابوس مقلق لكل اللبنانيين.
وفي عودة قريبة إلى أحداث انفجارات (البيجر)، تلك الأجهزة التي توصف بانها عبارة عن جهاز لاسلكي صغير كان يُستخدم بشكل مألوف قبل انتشار الهواتف النقّالة الحديثة، بهدف إرسال واستقبال الرسائل النصية أو بعض الإشعارات، اعتمادا على نوع معين من الإشارات، وهو ما يرجح أن يكون "الإسرائيليون قد استطاعوا اختراق الموجة المستخدمة في تلك الأجهزة، من قبل عناصر حزب الله، ربما كانت ( تلك الانفجارات ) التي تسببت بأحداث مؤلمة على الصعيد الجسدي لمستخدميها، وعلى الصعيد النفسي للشعب اللبناني ككل، بداية الانطلاق نحو السباق المحموم للحرب التي جُهزت بدقة واحترافية عدو متربص، فاختراق أجهزة للاتصال بهذه البشاعة وتحويلها إلى قنابل مؤذية، على الرغم من مداها القصير وما يمكن أن تسببه من أضرار بسيطة على صعيد البنى والركائز، أو جسدية على صعيد حصد الأرواح، إنما يراه بعض المحللين السياسيين والقادة العسكريين، بأنه رسالة خطيرة المعنى، أعلنت عن انطلاق جحافل شرسة للإجهاز على لبنان وأمنه واقتصاده.
من خلال هذه الرؤية العامة للأحداث الدامية المتسارعة، سيكون لبنان في مواجهة قاسية لمحاولة الحفاظ على المنظومة الاقتصادية من الانهيار، والتي تعد السياحة فيها، من أهم الركائز، فهو بلد يعتمد بشكل كبير وأساسي على ما يمتلكه من عناصر جمالية أسست على مدى قرون طويلة، وعدت أرضا خصبة للقطاع السياحي، والذي يرى بعض المعنيين بهذا الشأن، بأن لبنان قد يكون مهددا بخسائر تتجاوز الثلاثة مليارات ونصف دولار، من واردات (السياحة)، ناهيك عن الأزمات الاقتصادية المتعلقة بتوفير الاطعمة والأشربة ومستلزمات ديمومة الحياة، وهو ما سيؤدي بلا شك إلى انفلات امني اجتماعي، فالأسر اللبنانية ستكون منشغلة بتوفير لقمة العيش، خاصة إذا ما كان تكرار سيناريو ( غزة )، وارداً في ظل غياب زعيم المقاومة ووسائل دفاعاته وقواه التي كانت رديفاً قوياً للجيش اللبناني.
وفي إحصائية أوردتها بعض التقارير المنشورة، فإن خسائر لبنان على الصعيد الاقتصادي، وفي غضون ستة اشهر يقدر على النحو التالي :
نزوح 91 ألف شخص من منازلهم، وهو رقم لا يستهان به نسبة لعدد سكان البلد.
* تدمير 1700 منزل بالكامل.
* تضرر 1500 منزل بشكل جزئي.
* حرق نحو 10 ملايين متر مربع من الأراضي الزراعية بالفوسفور الأبيض.
وهكذا تكون قيمة الخسائر الاقتصادية المباشرة اللاحقة بجنوب لبنان 360 مليون دولار، اما قيمة الضرر الاقتصادي غير المباشر اللاحق بلبنان يبلغ 1.1 مليار دولار، وذلك نتيجة تراجع حركة المطار وتراجع أعداد الوافدين من سياح ومغتربين، إضافة إلى تراجع الاستثمارات.