بغداد: رشا عباس
تصوير: نهاد العزاوي
يرى مهتمون بالغناء العراقي أن لكل حقبة زمنية ملامح خاصة لا تشبه سابقتها من حيث الشكل والمضمون، وليس هناك تواصل إبداعي بين الأجيال تحقق الامتداد الطبيعي بمسيرة الأغنية العراقية، الأمر الذي أحدث فجوة بين الأجيال بحسب المختصين والنقاد، فالتحولات الأخيرة المتمثلة بالانفتاح نحو عالم التكنولوجيا.
وتعدد القنوات جعلت كل فنان يعمل بمفرده للخروج بأعمال تعبر عن ثقافته ومزاجه.
الدكتور كريم الرسام رئيس جمعية الموسيقيين العراقيين، يرى أن لكل جيل وعيه وتفكيره، وهذا يشمل جميع الاختصاصات ومنها الموسيقى والغناء، مثلا جيل السبعينيات والثمانينيات يختلف عن التسعينيات في الكلام واللحن والأداء، أما الآن دخلت الايقاعات الهندية والتركية، فأصبحت الأغنية هجينة ومجردة من المعنى، باستثناء بعض الأغاني، مضيفا نحن حريصون على التواصل مع الأجيال الحالية والمقبلة للمحافظة على رونق الأغنية، وعدم اندثارها، فهنالك الكثير من الشباب الجيل الحالي يعشقون الأغنية القديمة ويحاولون أداءها باسلوب جديد.
الوعي الفني
اما الفنان والملحن جمعة العربي، فأشار إلى أن المرحلة هي من تلعب دورا، على الرغم من أن الاغنية في الثمانينيات كانت تعبويَّة وخاضعة للمعركة، لكن ظهر جيل ينتمي إلى الذي سبق، وهو جيل السبعينيات، وكنا نلتقي كبار الفنانين، نتواصل ونتعلم منهم، بعد 2003 بدأت العلاقات تتلاشى تدريجيا، بسبب
غياب الوعي الفني للمراحل المتأخرة، اذ اتجهوا إلى موضوع الأغنية التجارية التي هي ليس لها علاقة بالفن أكثر من علاقتها بالمضمون، وكيف يحصل على انتشار حتى يغني بالنوادي الليلية والشهرة ومجالات الحفلات العام.
وأوضح العربي تعاملت مع الشباب واشتركت معهم في برامج ودربتهم في مهرجانات عالمية وعربية، ليست هناك مشكلة بالاحتكاك مع الأجيال، لكن الأجيال الجديدة علاقتهم ضعيفة، كونهم فضلوا الأغنية التجارية على تراث وموسيقى
بلده.
تجمعاتٌ ثقافيَّة
اما الملحن علي سرحان الذي تحسر وهو يتحدث بهذا الموضوع على التجمعات الثقافية، التي كانت تجمع الملحن بالشاعر والمطرب حول طاولة مستديرة لمناقشة موضوع ومضمون الأغنية، بقلب صادق يخرج
العمل مدروسا ومميزا ليسجل في استوديو واحد تحت إشراف لجان واساتذة، مقارنا بما يحصل في الوقت الحاضر، اذ تشاهد العمل من
وجهة نظر واحدة يبث عبر قنوات الانترنت يأخذ وقتا قصيرا
ويختفي، مخاطبا شباب الجيل الحاضر، البحث عن كبار الفنانين وأخذ آرائهم ليس عيبا، إنما وسام شرف يوضع مع العمل، نحن حفرنا بالصخر وتعاملنا مع مطربين عرب وتاريخنا رصين، عندما تأتي وتطرق أبوابنا لا نغلقها، إنما نشعر بالفخر
والسعادة أن هناك من يهتم بالمحتوى، ويواصل بتقديمه بطريقة محببة تبقى عالقة في ذهن الجمهور، متسائلا كيف نتواصل مع الأجيال المقبلة، وهم لا يعرفون طريقنا مع هذا الفقر بالوعي والثقافة، هو من يجعلنا نقف مكتوفي الأيادي.
ذائقة الأجيال
من جهته، أوضح الباحث الموسيقي حيدر شاكر بحكم التطور، الذي حصل بأجهزة المذياع والاستماع لثقافة الغناء العربي، ومع ظهور أصوات جديدة تغيرت ثقافة الاجيال في عقود الخمسينيات والستينيات وصولا للسبعينيات والى يومنا هذا،عاشت الاجيال مع تطورات كثيرة سلبا أو ايجابا بعالم الأغنية، ومن وجهة نظري كمعاصر لعقود الغناء، كل جيل يأتي يحمل ذائقة معينة،الغرب مثلا ينظر للموسيقى والاغنية ضمن ذائقته،بغض النظر عما كانت جميلة أو لا، أما نحن في العراق فهنالك أجيال تعشق الغناء الأربعيني أو الخمسيني وأخرى لا تعلم سوى بما تتذوقه بالفترة أو الحقبة الزمنية، التي عاشت أو تربت خلالها، وهي لا تثقف نفسها على ماضينا الغنائي، بسبب الأوضاع السياسية أو الاجتماعية.