متى يستفيق الضمير الإنساني؟

آراء 2024/10/07
...

 وليد خالد الزيدي 


أين نجد الانسانية في ابسط صورها وأين نرى روح الوجدان في أدنى معانيه وأين نبصر الإيمان في اضعف مواقفه، فهل شعر المنصفون في عالمنا اليوم بالضمير الحي وحقيقته الشاملة بعيدا عن التمييز على اساس العرق والقومية والجنس البشري؟ استفهامات كثيرة تطرح نفسها في ما يجري في منطقتنا العربية، لا سيما في أرض فلسطين والبلدان المجاورة لها، وقد اصبح لا بدَّ من اخراج شواهد الاحداث وجرائم حكومة تل ابيب من المنظار الغربي إلى فسحة الرؤية الدولية الأكثر اتساعا وأبعد أفقا، لا سيما وأن جرح غزة هو عصب الروح النابض بالحياة، الذي مسه زعماء الحرب، وقطعوا فيه نسيج الامل بالسلام والطموح بالأمن وحق العيش باستقرار، كما يعيش أبناء البشرية في كل ربوع المعمورة.

كثير ما يصف قادة الدول الكبرى خطورة الاوضاع في منطقتنا العربية بالكارثية، وهي حقيقة على صفيح ساخن حد التجمر، حتى غدت ألسنة اللهب ترى أمام أعين كل بلدان العالم، بقادتها وشعوبها في الوقت الذي تقترن تلك الاحداث بتعنت حكومة اسرائيل وتماديها على الحق العربي وإمعانها في الاجرام وقتل المزيد من الأبرياء العزل والمقاومين لها من دون أدنى تحسب أو اعتبار، لكل القرارات الدولية، التي نادت بحتمية ايقاف المجازر الوحشية، التي يرتكبها محتلو أرض فلسطين بشكل يومي ومتواصل، فلم يمر يوما من دون أن يرى العالم نزيف الدم وتمزق الاجساد من على الشاشات وغزة المدينة المستباحة صامدة، رغم الجراح وشامخة رغم الخراب وثابتة رغم الدمار، وابناؤها متماسكون رغم المجازر البشعة والصعاب، وهي تأن تحت الركام لكن لم يوقظ ذلك ضمائر زعماء الدول، ولم يستنهض فيهم أهمية قهر الظلم والانتصار للحق الإنساني.

اين الإنسانية يا أباطرة الارض واين الحرية يا رؤساء الحكومات وقادة الدول المنادية بها وبالكرامة؟ فعلامات الاستفهام تلاحقكم من كل جهة يطرحها ضحايا يرحلون يوميا من الوجود، وكأن أرواحهم تتساءل متى تنبض قلوب أصحاب العناوين الفخمة بالوجدان، وينهضون من سباتهم على اختلاف أعراقهم ودياناتهم وثقافاتهم، ومتى تتوحد صفوفهم ضد التوحش والهمجية والمجازر والإبادة والعقاب الجماعي، ومتى ترتفع اصواتهم ضد كل ما هو مخالف للطبيعة البشرية والشرائع السماوية والقوانين الوضعية، وتتفاعل همومهم مع ويلات المظلومين، وتتكافل نفوسهم مع طالبي الحياة في غمرة الموت والقتل، ومتى يعيش هؤلاء مشاهد الكوارث، ومن كل زواياها، وينددون بزحف آلات القتل الصهيونية، ومتى يتقمص أحرار العالم شخصياتهم الآدمية، ويتمسكون بجذورهم الأصيلة وشعورهم بالإنسانية؟ 

ومن رحم هذا الظلم وقلب هذه العتمة يكون السؤال هل من امل في عصر للنور والتنوير في عموم مجتمعات العالم وللنهضة والتنبه للصور المؤلمة مما يجري في ارضنا العربية؟وقد استخدم اصحاب الخناجر والحراب ومالكي الات التدمير والخراب القوة المادية الفتاكة وتحكموا في كل ما يجري على الارض من ادوات لوأد الحياة بافعال طالت الناس وسلبت منهم حريتهم وكرامتهم حتى غدت تقف بالضد ممن يسعى لقول الحق ويبدي الرأي السديد في اهم قضايا التاريخ الانساني المعاصر فمتى يعرف احرارالعالم ان قضية فلسطين لن تتعلق بفلسطين وحدها انما بما بعدها وما ورائها؟طالما ان القتلة والطامعين لايعيرون اي اعتبار لحياة وادمية الاخرين.