لغة المقاومة ورسائل الاحتلال

آراء 2024/10/07
...

  محمد شريف أبو ميسم

 

كانت رسائل الاحتلال، التي يبعثها عبر كل عدوان، وما زالت، مليئة بالغطرسة والعنجهية القائمة على التفوق في سلاح الجو وتكنولوجيا المعلومات، وأدوات التجسس والمراقبة، فضلا عن الدعم المتواصل من قبل حلفائها في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عبر قوات محمولة جوا وبحرا ومستعدة للتدخل لحمايتها في أي وقت، في زمن استطاع فيه التحالف الغربي بعد أن أطاح بالنظم الدكتاتورية، التي وظفها في سنوات ما قبل ثورة المعلومات، أن يستهدف منظومة القيم في المجتمعات العربية، بوصفها مجتمعات غارقة بالموروثات، التي لا تنسجم وطبيعة التحولات العلمية الحديثة، اذ تم تقديم منظومة القيم للأجيال العربية الجديدة باعتبارها سببا مباشرا في حالة التخلف، وأن لا دور للصراع العربي الصهيوني في تعويق نهوض بلدان هذه المنطقة، وان السلسلة الطويلة من المؤامرات في زمن توظيف الطغاة ما هي الا وهم وتبرير، وإن تكريس الفوضى والفساد في زمن التحولات الديموقراطية هو نتاج طبيعي لمجتمعات متخلفة. فظهرت على إثر ذلك أجيال ناقمة على تاريخها، عصية على الوعي، غارقة حد النخاع بالاستهلاك ومحاولات اشباع الرغبات التي لا تنتهي، عبر أدوات طغت عليها أساليب تحض على التمرد وجلد الذات المجتمعية، وباتت المجتمعات وكأنها لا تقوى على المواجهة مع هذا الكيان المتغطرس، بفعل الضغط النفسي الناجم عن توظيف مخرجات ثورة المعلومات في تدجين الرأي العام، ما جعل "بنيامين نتنياهو" الذي عرف بحقده وغطرسته، أكثر اجراما وهو يبعث يوميا برسائل من نار على قطاع غزة دون رادع .

في المقابل راهنت المقاومة على ايمان مقاتليها، ولكن دولة الاحتلال لا تفهم لغة الايمان والعقائد جراء غطرستها القائمة على عناصر التفوق، فكانت تغتال زعماء وقادة المقاومة أينما كانوا ودون اعتبار لأي شيء، حتى جاءت الرسائل الايرانية الأخيرة بلغة دولة الاحتلال، عبر نحو 250 صاروخا باليستيا فرط صوتي، ما جعل اعتراضها من قبل الأنظمة الدفاعية التي تبجح بها الصهاينة أمرا صعبا، وبالتالي كانت الرسالة واضحة ، إذ أدرك حلفاء دولة الاحتلال وعلى ما يبدو خطورة التصعيد مع دولة تمتلك سلاحا صاروخيا متقدما وعمقا جغرافيا هائلا، ومن هنا فإن احتمالات تصاعد الصراع تكاد تكون غير مؤكدة، جراء قوة الردع الايراني ومحدودية صواريخ الاعتراض في دولة الاحتلال ، اذ إن امكانية إيران في اغراق دولة الاحتلال بنطاق واسع من الصواريخ، فضلا عن قناعة الادارة الأمريكية بخطورة الحرب الشاملة على مشروعها الشرق أوسطي، تجعل من محاولات "نتنياهو" الرامية إلى جر الولايات المتحدة لحرب شاملة مع ايران محض محاولات لطموحات شخصية، وهذا ما أكدته تصريحات الإدارة الأمريكية الأخيرة بشأن "أهمية التزام دولة الاحتلال برد منضبط ومحدود".