علي حسن الفواز
مع الذكرى السنوية الأولى لـ"طوفان الأقصى" تتصاعد خيارات الصراع، وتنفتح على ملفات أخرى، وجغرافيات أخرى، أشدُّ تمثيلاً لما تحمله جرائم العدوان الصهيوني، وسياساته العنصرية من نزوع عنصري للهيمنة، ومن أوهام تقوم على اإعادة توصيف قواعد الاشتباك، وتغذية التوترات ومظاهر العنف في المنطقة.
ما تركته انتفاضة الأقصى من أثر عميق على الصراع، وعلى فضح الهوس الصهيوني ونرجسيته المريضة، بدا أكثر وضوحاً واستمراراً مع موقف المقاومة اللبنانية، واغتيال الشهيد السيد حسن نصر الله الذي عمّق بشهادته مسؤولية المواجهة، والتصدي لجرائم العدوان البربرية، وللغلو في الكراهية والعنصرية، والتي جعلت من الأمين العام للأمم المتحدة يوجه انتقاداً شديداً للكيان وجرائمه في غزة، حيث دعا إلى ضرورة "إيقاف الدورة القاتلة من العنف" و" التصعيد المروِّع الذي يقود الشرق الأوسط إلى الهاوية".
التغوّل في إجراءات هذا التصعيد الصهيوني يفضح هستيريا العدوان، ويكشف عن النوايا الشريرة لتغيير الخارطة الجيوسياسية في المنطقة، والتي يتم التخطيط لها بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وبعض دول الغرب، وعلى نحوٍ يجعل من سياسات الكيان الصهيوني جزءاً من لعبة دولية، تُغذّيها المصالح، والصراعات الكبرى، مثلما تبدو وكأنها كناية عن استعادة صورة الاستعمار القديم، عبر الترويج لسردياته ومثيولوجياته في فرض واقع جديد، وتاريخ جديد، تصطنع من خلاله الصهيونية نظرية عنصرية لتسويغ السيطرة، ولمحو ذاكرة الشعوب وحقوقها التاريخية، وانتهاك سيادات الدول دون رادع أو مراعاة للقانون الدولي، وتحت يافطة تغيير موازين القوى في المنطقة على أساس قاعدة صناعة الرعب..
استعادة يوم السابع من اكتوبر تعني فتح الجرح النرجسي للكيان الصهيوني، ولانكسار صورته المتخيلة في عنفها وعنجهيتها، وفي حروبها التي عمدت منذ الخامس من حزيران عام 1967 إلى تكريسها كنظرية للقوة الغاشمة، حتى باتت الأحداث التي توالت، وسياسات التطبيع التي تكرَّست، وصولاً إلى العدوان على غزة، والحرب على لبنان واغتيال الشهيد السيد حسن نصر الله والضربة الصاروخية الإيرانية أكثر تعبيراً عن الفشل الصهيوني في أوهامه عن السلام، وفي استعادته للسردية القديمة، ولأطروحته الفنطازية عن حيازته لتلك القوة، ولعل سعار الهستيريا التي يقصف بها المدن اللبنانية، ويقتل المدنيين تؤكد الطابع الإرهابي لجرائمه ولانتهاكاته، والتي قد تدفع به إلى التورط في فتح أبواب الجحيم على حرب شاملة تهدد مصالح المجتمع الدولي، وتهدد اقتصاديات النفط والغاز والاستثمارات الكبرى، والتي قد تعطي ذريعة لتدخل دولي واسع، يمكن أن يطلق العنان لحرب عالمية مفتوحة على تراجيديات الجحيم...