أندرو روث
ترجمة واعداد - أنيس الصفار
تكشف التحليلات الاستخبارية للهجوم الإيراني الأخير على الكيان الصهيوني أن الدفاعات الصاروخية الصهيونية التي كثر التغنِّي بها لم تكن عصيَّة على الاختراق كما يشاع.
ففي أعقاب هجوم ليل الثلاثاء زعم المسؤولون الصهاينة أن دفاعاتهم قد صمدت وتصدَّت، وصرح الجيش الصهيوني بأن إيران أطلقت أكثر من 180 صاروخاً دون إعطاء تفاصيل وافية بشأن الأضرار الناجمة.
لكن مع بدء الكيان المحتل استعداداته للرد أخذ المحللون يعبرون عن اعتقادهم بأن تلك التقارير الأولية ربما كانت خادعة، وهذا من شأنه تغيير حسابات الرد الصهيوني إن كان يخشى التورط في جولة مطولة من الضربات الصاروخية المتبادلة مع إيران، خصوصاً إذا ما اختارت طهران في المستقبل أهدافاً أكثر ليناً وهشاشة.
فقد أظهرت صور الأقمار الاصطناعية واللقطات التي تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي أن الصواريخ كانت تتوالى على القواعد الجوية متبوعة أحياناً بانفجارات ثانوية، الأمر الذي يشهد على أن الضربات الإيرانية كانت أشدّ فعالية مما أُعلن سابقاً رغم منظومات القبَّة الحديدية و"آرو" التي كثرت الإشادة بفعاليتها.
رغم أن تلك الصواريخ لم تصب كما يبدو طائرات في المرابض فقد كان من الممكن أن تكون لها تأثيرات قاصمة لو أنها أطلقت على مدينة مثل تل أبيب، أو لو وجهت صوب أهداف أخرى عالية القيمة مثل مصافي النفط التابعة لمجموعة "بازان" قرب حيفا .. وهو أمر كان من شأنه إحداث كارثة بيئية قرب مدينة كبيرة للكيان المحتل . كتب "ديكر إيفليث" وهو محلل في مجموعة "سي أن أي" للأبحاث والتحليل قام بتحليل صور الأقمار الاصطناعية ونشرها: "تبقى الحقيقة الأساسية هي أن إيران أثبتت قدرتها على ضرب الكيان الصهيوني بأي درجة من القوة تشاء. القواعد الجوية أهداف صلبة قادرة على التحمُّل لا يرجَّح أن تنجم عنها إصابات كثيرة، لكن إيران يمكن أن تختار هدفاً مختلفاً .. مثل قاعدة للقوات البرية مكتظة بالجنود، أو هدفاً داخل مناطق مدنية، فالضربة الصاروخية هنا يمكن أن تتسبب بسقوط أعداد كبيرة من الضحايا". المشكلة الأخرى أمام الكيان الغاصب اقتصادية، وهي مشكلة ستتسبب بها الضربات المتبادلة مع الإيرانيين إذا ما تتابعت لفترة طويلة. فأسلحة الدفاع الجوي الصهيونية باهظة الثمن كما أنها محدودة الكميات، وهذا يعني أن الكيان المحتل قد يصبح أكثر انكشافاً أمام الضربات الإيرانية كلما طال أمد الصراع.
يمضي إيفليث مستطرداً "نظراً لكون الكيان المحتل قد تعهد علناً بضرب إيران فمن المرجح إذن أن لا تكون هذه آخر مرة نشهد فيها تبادلاً لإطلاق الصواريخ بين الطرفين.
يبدو أن الهجوم الصهيوني المقابل وشيك، كما أعلن الرئيس الأميركي "جو بايدن" ومستشاره الأمني "سوليفان" أنهما سيواصلان المشاورات المباشرة مع الكيان الغاصب حول رده العسكري المزمع.
يقول علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمة: "من الصعب تصور أن يكتفي العدو الصهيوني بشنِّ هجوم محدود ذي طابع رمزي، لأن هذا كان ما فعله في نيسان، وسيتعين عليه الآن أن يقوم بشيء أشد وطأة".
يحذّر فايز من أن أي تبادل للصواريخ الباليستية بين الكيان المحتل وإيران سيكون قابلاً للانفلات والخروج عن السيطرة في أي لحظة ليتسبب بوقوع إصابات في العدو، فيؤدي الأمر إلى مزيد من التصعيد. يقول فايز إن إيران استخدمت في هجومها الأخير أكثر أسلحتها تقدماً، وهي تمتلك خزيناً وافراً منها يمكِّنها من مواصلة ذلك أشهراً. ويضيف أن هذا هو شكل العالم الذي سنراه ما لم يتقدم أحد لإيقاف دورة التصعيد، والشخص الوحيد الذي يمتلك هذه السلطة، من وجهة نظره، هو رئيس الولايات المتحدة الذي لا يوحي لنا سجله بالكثير من الأمل، على حد تعبير فايز.
* عن صحيفة الأوبزيرفر