د.سرور محمد خليل
منذ نكبة 1948 وقطاع غزة يمثل رمزًا للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني، وقد عانى على مر العقود من تداعيات الحصار والعزلة المفروضة عليه، في هذه الأثناء، لعبت التحولات الإقليمية دورًا كبيرًا في تشكيل مستقبل القطاع وصمود شعبه، سواء عبر الصفقات السياسية أو التخاذل في دعم القضية الفلسطينية، عملية طوفان الأقصى في 2023 جاءت كرد على التصعيد الإسرائيلي المتكرر وتجاوزاته المستمرة، وقد أعادت إلى الواجهة الجدل حول الحصار المستمر على غزة الحصار، الذي بدأ رسميًا في عام 2007 بعد سيطرة حركة حماس على القطاع جعل غزة شبه معزولة عن العالم الخارجي، معتمدة بشكل شبه كامل على الأنفاق والتهريب لتأمين احتياجاتها الأساسية، لعبت شخصيات مثل قادة الدول الإقليمية والمؤسسات الدولية أدوارًا متفاوتة في مفاقمة هذا الوضع، إذ بينما تبنت بعض الدول العربية موقفًا مترددًا أو حتى داعمًا للسياسات الإسرائيلية، حاولت أخرى تقديم دعم محدود وغير كافٍ لكسر الحصار، الجميع يعلم أن أحداث 2023، وتحديدًا عملية طوفان الأقصى، أتت في ظل تحولات إقليمية جديدة، فقد شهد العالم العربي تحالفات وانقسامات غير مسبوقة، خاصة مع توقيع بعض الدول اتفاقيات تطبيع مع المحتل، ما أثر بشكل كبير في مسار القضية الفلسطينية، فبينما استفادت المقاومة من دعم بعض الفصائل والدول الرافضة للتطبيع، فإن غزة ظلت تعاني من حالة من العزلة السياسية والعسكرية، التي جعلت من الصعب عليها مواجهة الاحتلال بشكل مباشر، ما يجري اليوم في غزة لا يمكن فصله عن جذور الصراع الممتدة منذ النكبة، إذ إن الشخصيات التي شاركت في صنع الأحداث آنذاك، لا تزال تداعيات سياساتها تُشعر الفلسطينيين بالآثار حتى يومنا هذا، وما يزيد من تعقيد المشهد هو التحول الإقليمي الحالي، حيث باتت القضية الفلسطينية، تواجه تحديات مضاعفة في ظل انشغال الدول العربية بصراعات داخلية وإعادة ترتيب التحالفات الإقليمية، بالتالي فإن هذه التحولات الإقليمية تؤثر بشكل كبير في مستقبل قطاع غزة، سواء على صعيد قدرته على الصمود أمام الحصار أو على مستوى دوره في المقاومة الفلسطينية، غزة اليوم تجد نفسها في مفترق طرق، حيث تأمل بشكل كبير على التحركات الدولية والإقليمية لفك حصارها وتأمين مستقبل مستقر لأهلها، ولكن الحديث عن خذلان بعض الدول العربية للقضية الفلسطينية، خاصة في ظل الأحداث المفصلية بين عامي 2023 و2024، يأتي مع شعور عميق بالألم والاستياء، لأنه بعد مرور أكثر من 75 عامًا على النكبة، التي شهدت تدمير القرى الفلسطينية وتشريد أهلها، لا تزال القضية تعاني من غياب الدعم العربي الحاسم، في وقت تستمر فيه المقاومة الفلسطينية بالصمود رغم التحديات الكبرى.
إلا أنني اؤمن بإن النصر لفلسطين قادم لا محالة، فالله ينصرهم ويؤيدهم بجنده سيأتي يوم تتحرر فيه الأرض المقدسة، وتعود القدس متألقة بفخرها وشموخ شعبها، في الوقت نفسه يبقى الخزي والعار على أولئك الذين يظنون أنهم تحت مظلة العروبة، بينما يتجاهلون معاناة الفلسطينيين وألمهم المستمر، إن المقاومة ستنتصر كما جاء في قوله تعالى: "إن مع العسر يسرا"، مما يعكس الأمل والثقة في أن الفرج آتٍ لا محالة إن الصبر هو مفتاح الفرج، كما أن الجهاد والمقاومة هما السبيل لاستعادة الحقوق، يُذكرنا القرآن الكريم بأهمية الشهادة في سبيل الله والدفاع عن الأرض والدين وكأنما يخص الله الفلسطينيين، الذين يجسدون معاني الشرف والكرامة واسمى معاني النضال والتضحية في سبيل الدين والوطن.