سامي نسيم.. نقلةٌ موسيقيَّة في إحياء التراث العراقي

ثقافة 2024/10/09
...

 بغداد: رشا عباس 

أقام بيت المدى للثقافة والفنون صباح الجمعة الماضي، جلسة تأبينية للموسيقي الراحل سامي نسيم ترحما واستذكارا لرمز من رموز العراق الموسيقية، الذي ترك بصمة واضحة في التأليف والعزف العراقي والعربي والشرقي وصولا للعالمي.

الجلسة حضرها محبو الفقيد وطلبته الذين عزفوا بعض من مؤلفاته المنبثقة من روح التراث من ضمنها " قناديل بابلية"، " نهاوند"، " شناشيل البغدادية"، " ام العباية"، "عيون جبلية" ومقطوعة " حلم عراقي" وغيرها من المعزوفات التي مثلت العراق في محافل دولية، ناقلا من خلال أوتاره عوده صور الأهوار والجنوب ومعاناة الحياة اليومية إلى العالم بأسلوب 

سلس.


محطات مبدع

 يقول الباحث حيدر شاكر:" تعرفت على الزميل سامي نسيم في تسعينيات القرن الماضي، عندما كان مدرسا بقسم الموسيقى للدراسات المسائية في معهد الفنون الجميلة، كانت طفولته في قرية أبو ذهب، تقع على نهر الغراف على طريق السيد أحمد الرفاعي كان يسمع صوت الدفوف من خلال الموشح الديني، الذي يعد إرثا في الموسيقى العراقية، بالمقابل يسمع صوت آلة "المطبج" المستخدمة كثيرا لدى المزارعين والرعاة في الرفاعي، دخل سامي المدرسة وتعلم، وعندما سئل من قبل معلمه: ماذا تصبح عندما تكبر؟ أجاب بثقة، 

فنان. 

وأضاف شاكر: في الثمانينيات أكمل سامي دراسة المتوسطة وهو حائر بين معهد الزراعي أو المعلمين، إلا أنه على الرغم من معارضة الأهل، تقدم للقبول بمعهد الفنون الجميلة في البصرة، بالوقت نفسه عين محاضرا بمركز شباب الرفاعي، وبعد سنتين انتقل إلى بغداد لتكملة دراسته وتتلمذ على ايادي روحي الخماش وعدنان محمد صالح والحاج معتز وعمل مع المطرب رياض احمد. 

في التسعينيات عين في معهد الدراسات الموسيقية معلما لآلة العود، وأصبح أستاذا مع أساتذته وباحثا من الطراز الأول في الموسيقى والمهرجانات 

العربية. 


الموسيقى في ذاكرته

أما الباحث الموسيقي والأكاديمي سعد عبد الغفار اشار إلى أن سامي نسيم ولد في الرفاعي بمنطقة ريفية منفتحة على الطبيعة، فأحب الفنون بشكل العام وليس الموسيقى، لم تكن المنطقة تحظى بوصول الارسال التلفزيوني، فكنا نرى تلفزيون الكويت ونشاهد الأفلام والمسلسلات ونسمع أصوات المطربين فتأثر بهم، وعلى هذا الأساس انتقلت في مخيلته قضية استلهمها في مؤلفاته وحتى أدائه عزف معظم أطوار العراق 

الأصيلة. 

وأضاف تعرف نسيم على آلة العود واستهوته وتعلمها بشكل سريع وتدرب على يد الراحل غانم الحداد، وتأثر بأساتذته بالعزف منير بشير وسلمان شكر صاحب المدرسة الصوفية، التي تأثر بها سامي نسيم في استحداث الطريقة التكنيكية بالعود، 

إضافة إلى التطريبية.

من جانبه، قدم نجل الفنان أوس سامي شكره وتقديره إلى طلبة والده ومحبيه، الذين شاركوا في حزنه وهم يتحدثون عن إرث ثقافي تركه سامي لعائلته وأبناء بلده، مؤكدا بمواصلة مشوار والده، كون الفن رسالة ادب وسلام وجمال وما زرع سامي من حب وجمال يحصده أوس برفقة زملائه وطلبة والده الذين يطمحون بإعادة أعمال فرقة منير بشير أو فرقة بغداد إلى الواجهة لتقدم أعمال الفنان الراحل، إضافة إلى الرواد 

والشباب.

وفي الختام، نعى عازف العود محمد العطار أستاذه سامي نسيم وعده خسارة كبيرة، كونه أحد فلاسفة المدرسة العراقية، فهو مزج بين الحداثة والريفية وتميز بتقديم المدرسة الريفية موسيقيا وقرب لنا الأطوار العراقية بمختلف أنواعها، ليشاطره الحزن الاستاذ جمال ناصر عازف العود ومدرس في مدرسة الموسيقى والبالي قائلا:" سامي نسيم من الشخصيات المحبة للعودـ كان يتمرن ليلا ونهارا ويعيشنا الأجواء الموسيقية الاكاديمية التربوية، مؤكدا أن جميع مؤلفاته عراقية خالصة من التراث والاهوار والجنوب ومن الصور التي كان يشاهدها، متابعا اليوم في جلسة الاستذكار اختلطت مشاعر الحزن والفرح معا، فالحزن بفقد قامة عراقية مهمة والفرح، كونني أعزف بعضا من مؤلفات 

أستاذي.