د.نازك بدير
بأسلحة أمريكية، ودعْم مفتوح من واشنطن، وتآمُر الوسطاء، استطاع نتنياهو تنفيذ بند رئيس من مخطّطه الهادف إلى تغيير وجه المنطقة.
يحاول الكيان من خلال اغتيال سماحة السيّد حسن نصرالله، وسائر القادة، تفكيك الهيكليّة التنظيميّة للحزب، وضرْب قدراته البشرية والعسكرية، وإحداث شرْخ بين الصفوف، ويترافق ذلك مع ضخّ
سيل من الشائعات عبر مختلف وسائل الميديا مستغلّين ما يعيشه المجتمع من ضغوطات نفسية ومعنوية واجتماعية واقتصادية.
والحال هذه، تصبح الحرب النفسيّة أشدّ ضراوة من سائر أنواع الحروب؛ يستطيع العدوّ من خلالها شلّ القدرات، وتعطيل الأهداف، وردّ الخنجر إلى الغمد، من دون استخدام قنبلة واحدة. يكفي أن يصدّق البعض الشائعات، ويبثّها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، "لتحلّ مع الوقت" مكان الحقيقة، ومن ثمّ يتعامل الجمهور معها، على أنّها واقع. كما تعمل جماعات الضغط على تغيير سمة المرحلة من ما لا يمكن تصوّره إلى سياسة حاليّة، محاولة القضاء على أنّ هذا الموقف غير مقبول على الإطلاق إلى: معقول. ثمّ الانتقال مِن مرحلة المعقوليّة، إلى مرحلة الشعبويّة.
قبل أسابيع قليلة، كان من غير الممكن تصوّر استشهاد سماحة السيد، في هذا الوقت، عند طرْح الأميركيين هدنة لمدة أربعة أسابيع وموافقة الجانب (الإسرائيلي) عليها. وكان من الصعب تصوّر قدرة الصهاينة على توجيه ضربات قاسية متتالية ضد قيادات الصفّ الأول ضمن مدة زمنية تعدّ قياسيّة نسبيًّا، ولكن ذلك حصل للأسف.
أمّا سيناريو الغزو البري الذي كان بمثابة فزّاعة الإسر ائيلي، فيتحوّل شيئًا فشيئًا إلى أمر متوقّع، وتزداد فرص حصوله مع عمق التخاذل، وحنين البعض إلى أيّام المركبات اللحْديّة، ومعتقل أنصار وسجن الخيام، والتنكيل بأهل الأرض.
من الواضح أنّ المستهدَف ليس مجرّد حزب بعينه، إنّما كلّ مَن يعيق القيام بمشروع الشرق الأوسط الجديد. حاول العدوّ، ومن خلفه واشنطن وأدواتها، تنفيذه سابقا، واليوم يصرّ نتنياهو على المضيّ قدمًا فيه، مهما ارتكب من جرائم إنسانيّة وإبادات جماعيّة، على مرأى العالم أجمع ومسمعه.
يبدو أنّ بوصلة دول المنطقة تسير باتجاه مصالحها الضيّقة، وما يقال غير ذلك مثلُه مثل {العهن المنفوش}.
صحيح أنّ رئيس حكومة العدو استطاع أن يحقّق أحد أهدافه، لكن، مهما بلغت جرائمه، فهو يعجز عن اغتيال المبادئ والنهج والعقيدة والمسيرة. الأفكار لا تموت. والروح لا تموت.
أكاديميّة وباحثة لبنانيّة