محمد شريف أبو ميسم
بموجب اتفاقية حقوق الطفل التي أدرجت ضمن القانون الدولي في تشرين الثاني 1989بعد موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإنَّ جميع الأطفال لهم الحقُّ في الحماية من العنف والاستغلال والإيذاء بحسب “اليونيسف” وبعد أنْ دخلت هذه الاتفاقية حيز التطبيق في أيلول 1991 أصبح لازماً على الدول الأعضاء ضمان الاعتراف بحقوق الأطفال. في إطار حقوق الإنسان الأساسيَّة التي يجب أنْ يتمتعَ بها الأطفال في أيٍ مكان ومن دون تمييز، وهذه الحقوق التي تتولى اليونيسف الدفاع عنها هي: حق الطفل في البقاء والحماية والتطور والنمو إلى أقصى حد، فضلاً عن المشاركة في الحياة الثقافية والاجتماعية، بما يضمن عدم التمييز وكل حق من هذه الحقوق الذي تنص عليه الاتفاقية التي تكونت من 54 بنداً ينبغي أنْ ينسجم مع الكرامة الإنسانية للطفل وتنميته. علاوة على أنَّ الاتفاقية تحمي حقوق الأطفال عن طريق وضع المعايير الخاصة بالرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية والمدنية والقانونية المتعلقة بالطفل. ولأنَّ اليونيسف هي المنظمة الدولية الوحيدة المعنية بحقوق الطفل في إطار تبعيتها للأمم المتحدة، ولأنَّ هذه الأخيرة أدرجت اتفاقية حقوق الطفل ضمن القانون الدولي منذ العام 1989، فإنَّ مسؤولية اليونيسف لا تقف عند عرض التقارير أمام الأمم المتحدة وحسب، حيال الإلزام الذي فرضته الاتفاقية على حكومات العالم لتعزيز وحماية حقوق الأطفال ورفاهيتهم، بل يكون من واجبها وبإصرار تسليط الضوء على الانتهاكات التي تتعرض لها حقوق الأطفال وإجبار الرأي العام الدولي على إدانة منتهكي هذه الحقوق ورفع الظلم عن الأطفال عبر الوسائل التي كفلتها
الاتفاقية.
الأمر الذي يدعونا للتساؤل، لماذا يتم تجاهل حقوق أطفال اليمن وهم يتعرضون منذ سنوات لمآسي الحرب والمجاعة الناجمة عن الحصار الاقتصادي، فضلاً عن الأوبئة وانعدام أبسط مقومات الحياة الكريمة تحت مرأى ومسمع العالم أجمع. وكأنَّ هؤلاء الأطفال غير مشمولين باتفاقية حقوق الطفل الدولية، فيما تقف اليونيسف التي تحمل شعار “اليونيسف لكل طفل” وكأنها عاجزة حيال القتل اليومي للأطفال تحت وابل نيران الطائرات وانعدام أبسط المقومات التي تضمن حق البقاء على قيد الحياة، مثل الطعام والماء الصالح للشرب والدواء، علاوة على الانهيار التام لمؤسسات التعليم والخدمات الصحية والاجتماعية بما لا يدعو للتردد في القول “إنَّ أطفال اليمن باتوا خارج عناية واهتمام اليونيسف”.
إنَّ القول بأنَّ منظمات الأمم المتحدة باتت مسيَّسة وخاضعة لإرادة الرساميل التي تحكم العالم، أضحى أمراً مألوفاً حيال المأساة الإنسانية التي تتعرض لها فئات بشرية دون غيرها، وعادة ما ترتدي سلطة الرساميل حلة المساعدات الإنسانية لهذه المنظمات، وهذا ما أفصحت عنه سلسلة التبرعات التي منحتها الجهات التي تشن الحرب على اليمن والتي كان آخرها 260 مليون دولار في أيلول 2018 بدعوى دعم اليونيسف، ومن ثم تقديم 70 مليون دولار في تشرين الثاني الماضي بدعوى تقديم مساعدات نقديَّة للمعلمين العاملين تحت سلطة الجهات المدعومة بقنابل الطائرات التي تُلقى على أطفال اليمن.