يعقوب يوسف جبر
تركت الحرب العالمية الأولى عدة آثار على العالم وعلى منطقة الشرق الأوسط منها تجزئة الشرق الأوسط إلى دول ذات أنظمة ملكية وجمهورية ذات اتجاه قومي، وجاءت هذه التجزئة لتحقيق غايات متعددة منها إضعاف دول المنطقة وتجريدها من مكامن القوة والتحكم بمقدراتها وتوجيه أنظمتها السياسية بالشكل الذي يحمي مصالح الدول المتحكمة، والسيطرة على ثرواتها الاستراتيجية. وقد شهدت منطقة الشرق الاوسط عدة حروب ونزاعات، تمحورت بعضها حول منطقة فلسطين التي وضعت بعد نهاية الحرب العالمية الاولى تحت الانتداب البريطاني، ثم عمدت بريطانيا إلى استغلال هيمنتها عليها وتأسيس وطن قومي للصهيونية العالمية فيها،
فبدأت بتنفيذ سياسة تشجيع هجرة اليهود اليها من اصقاع العالم وسياسة الاستيطان، ثم عملت على اصطناع الحروب ما بين جيوش بعض الدول العربية وجيش الكيان الصهيوني، والغاية هي تمرين وتدريب جيش الكيان الصهيوني على كيفية خوض الحروب بهدف منحه القوة والقدرة على الدفاع أمام أية هجمات قد يتعرض لها، لذلك تمت تسميته جيش الدفاع، كما أن الغاية الثانية هي اجتناب تحوله إلى جيش خامل ضعيف .
ولم تسفر تلك الحروب التي خاضها مع جيوش الدول العربية والمقاومة الفلسطينية عن تسويات عادلة، بل انتهت بتسويات تصب في صالح الكيان الصهيوني. لكن خلال الاربعة عقود الماضية وفي العقد الحاضر، تغير مسار الاحداث حيث برزت حركات مقاومة للاحتلال شكلت ضغطا ثقيلا على الكيان الصهيوني. وما جرى ويجري في غزة وفي جنوب لبنان من معارك ما بين جيش الكيان الصهيوني وحركات المقاومة، وما اتبعه واستخدمه جيش الاحتلال من اساليب وحشية ضد الشعب الفلسطيني واللبناني؛ هي اشارة واضحة إلى تفاقم الصراع، وإدراك الكيان الصهيوني ودول الاستكبار العالمي بتنامي قوى المقاومة في المنطقة وما يشكله من دور وخطر على هيمنة دول الاستكبار في الشرق الأوسط. لذلك حشد الكيان الصهيوني ولا يزال يحشد كل امكاناته وجهوده لإجهاض تجربة المقاومة، لأن استمرار المقاومة وتطورها سوف يؤدي إلى زوال الكيان الصهيوني من المنطقة، ومن ثم نهاية نفوذ دول الاستكبار العالمي في المنطقة وفشل مشروع سايكس بيكو، وتحرر شعوب المنطقة وسقوط انظمة سياسية مأجورة واتحاد دول المنطقة.