كتب رئيس التحرير:
الأزمات التي تحيق بالدول، كالحروب والاضطرابات الأمنيَّة والسياسيَّة، يكون وقعها أشدَّ وخساراتها أفدح وتكاليفها باهظة على تلك الدول التي تعتمد اقتصاداً ريعياً حصراً دون سواه، لأنَّ هذا النوع من الاقتصاد لا يكون تحت سلطان الدولة بشكل كامل بل هو خاضع لمتغيّرات خارجيَّة وداخليَّة ويتحرّك ـ نمواً أو ضموراًـ تبعاً لاهتزازات حركة السياسة والتجارة الدوليتين.
ولهذا فإنَّ الأزمة الكبرى التي تلمّ بالمنطقة اليوم بسبب عدوان الكيان المحتلِّ ومحاولة توسيع نطاق همجيته، تُعيد تذكيرنا مجدّداً بأنَّ العراق ـ وإنْ لم يكنْ طرفاً مباشراً في كلِّ الصراعات التي تعصف بإقليمناـ قد يكون المتضرِّر الأكبر من بينها، بسبب اقتصار الدولة على اقتصاد ريعيّ يتمثل في النفط الذي إذا تضرَّر تصديره أو انحسرتْ أهمّيته لأيِّ سبب من الأسباب فسنضطر إلى الانشغال بأزمة اقتصاديَّة قد تكون أقسى من الأزمات الأمنيَّة التي تغرق فيها المنطقة.
وقد تنبهت الحكومة في برنامجها إلى ضرورة أخذ هذا الأمر على محمل الجدّ، فقد أعلن رئيس الوزراء محمّد شياع السودانيّ مراراً عن عزم حكومته على تعظيم الإيرادات غير النفطيَّة، الأمر الذي من شأنه تقليل عجز الموازنة والتهيؤ لكلِّ طارئ، خاصَّة أننا في قلب منطقة هي في حالة طوارئ دائمة.
وأمس كانتْ هناك مناقشات مستفيضة بين السلطتين، التنفيذية ممثلة بوزارة الماليَّة والتشريعيَّة ممثلة باللجنة الماليَّة، تركّزت لبحث هذا الموضوع فائق الأهميَّة. فمن دون خروجنا من قائمة الدول ذات الاقتصاد الريعيّ لن نكون مطمئنين تماماً على مستقبلنا ومستقبل أبنائنا.