بغداد: نورا خالد
تصوير: نهاد العزاوي
دخول عالم الفن، هل يتم من خلال الواسطة أم الوراثة أم الشغف، الذي يقود الشخص إلى فضاءات الابداع ؟! بهذا السؤال توجهنا إلى عدد من الفنانين، بعدما برزت في الوسط الفني ظاهرة " الوراثة " بالفن، أصبحت عوائل بالكامل تمتهن الفن اقتداءً بالأب الذي فتح الباب واسعا أمام أبنائه وبناته!.
بغيةَ تسليط الضوء على هذه الظاهرة، أشار الدكتور حسين علي هارف إلى أنه "ليس في الفن توريث فهو موهبة و مَلَكة ابداعية، وإذا كان الأمر ينطوي على جانب وراثي محدود جدا، بسبب الجينات أو توارث الشكل
أو الصوت"، مستدركا " الفن كحالة ابداعية لا يقوم على تلك المحدودية، لأنه مزيج بين الموهبة والخبرة المكتسبة، فلا يمكن أن يكون الإنسان فنانا ( ممثلا أو مطربا أو رسّاما أو نحاتا بالواسطة، فإنه لن يصمد يوما واحدا، بل ساعة واحدة، لأنه سرعان ما ينكشف ويعرى امام الجميع" ، ويؤكد هارف " كثير من أولاد الفنانين فشلوا في أن يكونوا
مثل آبائهم أو نظراء لهم، وفي واقعنا الثقافي والفني المحلي عرفنا الكثير من أبناء فنانين وأدباء، لكنهم لم يلمعوا ولم يحققوا حضورا لافتاً، فاعتاشوا لمدة محدودة على مجد وحظوة آبائهم، وساعدتهم في ذلك البيئة التي تواجدوا فيها بحكم الانتماء، وربما تكون الواسطة نافذة للإطلالة الاولى، لكن سرعان ما تُغلق بوجههم النوافذ في حال كونهم يفتقدون إلى الاستعداد الأولي والموهبة الفطرية "، خاتما " قد يكون لهذا الموضوع بعض الاستثناءات، التي لا يمكن تفسيرها على أنها
(توريث)، بل يمكن أن نعزو ذلك إلى عوامل ذاتية تتعلق
بالفنان ذاته وموهبته ووعيه واجتهاده، دون أن ننكر الدور الذي يمكن أن يلعبه المحيط العائلي، عبر الدعم والرعاية والإسناد ولنا في الفنانة شذى سالم مثال على
ذلك" .
اما المطرب وحيد علي فيرى أن " الفن لا يورث لأن الموهبة هي هبة من الله، سواء كانت في الغناء
أو الموسيقى أو التمثيل، وحتى الرسم فنرى في مجال التمثيل ظهرت أسماء كثيرة لأبناء نجوم ذلك الوسط، ولم يحققوا ما توصل إليه آباؤهم، رغم الأغلبية من هؤلاء الأبناء هم من حملة شهادات فنية عليا، والسبب يعود إلى الفطرة التي يمتلكها
أصحابها من النجوم، وهنا أقصد أن الفن لا يورث من دون الموهبة، وينطبق هذا على عالم الموسيقى والغناء فهناك الكثير من أبناء نجوم الطرب والموسيقى لم يستطيعوا أن يصلوا إلى مكانة آبائهم، إنما بعضهم أصبح نسخة مشوهة منه،
إلا ماندر".
الدكتور كريم الرسام رئيس جمعية الموسيقيين العراقيين أوضح أن" الفنان إذا لم تتوفر فيه الموهبة، لن ينفعه وجود أقاربه، الذين يعملون في المجال نفسه، وإذا كان يملك الموهبة، إضافة إلى الإبداع والتميز، ما يجعله يترك بصمة في عالم الفن، فيقتضي دعمه والوقوف إلى جانبه من جميع العاملين في الفن وليس الأقارب فقط، فهذا استحاق لا توريث، أما إذا كان على العكس لا يمتلك الموهبة أو الدراسة الأكاديمية، التي تؤهله لذلك فأكيد ستكون الواسطة هي الحاضرة، وبذلك سيأخذ مكان الفنان الحقيقي، فتبقى الموهبة هي أساس الاستمرارية وتحقيق
النجاح".
ويرجع الفنان نؤاس أموري ظاهرة التوريث إلى أسباب اقتصادية، إضافة إلى الشهرة وتسليط الأضواء، وتظهر اكثر وضوحا في مجال التمثيل". مشيرا إلى أن في بعض الأحيان تكون لدى الأبناء موهبة، تتعدى موهبة الأب كفنان، فبعض الفنانين عرفنا آباءهم من خلالهم نتيجة الشهرة التي وصلوا اليها،
لكن هذا لا يمنع أن هناك نتائج سلبية لظاهرة التوريث الفني، لأنهم يأخذون فرص آخرين أكثر موهبة، وهنا يجب التركيز على دور كليات ومعاهد الفنون الجميلة في اكتشاف الموهوبين، وإبرازهم لتقديم الفن بعيدا عن
الواسطات ".