مؤتمر عن الموروث العماني في الأدب

ثقافة 2024/10/17
...

  د. رائدة العامري

أقيم مؤخراً المؤتمر العلمي الأكاديمي الموسوم بـ "توظيف التراث في الأدب العماني" بمشاركة ثلة من الأكاديميين والنقاد العرب والعمانيين، تناوبوا في إلقاء بحوثهم القيّمة في القاعة الرئيسة في جامعة الشرقية، على مدار يومين بواقع ثلاث جلسات يومياً، تدارسوا فيه أهم القضايا المتعلقة بقضية الموروث وسبل توظيفه في الأدب العماني شعراً وقصة ورواية وسيرة ورحلات وغيرها.

وقد كشفت البحوث المنتخَبة التي ألقيت في المؤتمر الذي كان تحت رعاية معالي الشيخ سباع بن حمدان السعدي، وكتاب وأدباء محافظة شمال الشرقية وبالتعاون مع محافظة شمال الشرقية وجامعة الشرقية، عن ثراء الموروث العماني الزاخر بكل ما يغري الأدباء المعاصرين بالتفاعل معه، فعلى الرغم من أن ثمة تداخلاً كبيراً في طبقات الموروث الخليجي على نحو خاص والموروث العربي على نحو عام، غير أن الموروث العماني له خصوصيته المعتبرة، وهي خصوصية لها علاقة بالتاريخ والحضارة والأصول والجغرافيا وغير ذلك ممّا يسهم في هذا التميّز وهذه الخصوصيّة، وأثبت الأساتذة الأكاديميون والنقاد المشاركون مفاصل كثيرة من هذه الأهمية عبر التقاط زوايا نظر بحثية كثيرة ومتنوعة، عبّرت عن جوهر هذه القضية في أكثر مستوياتها وطبقاتها العلمية والمعرفية ذات الأثر البالغ في تقديم رؤية عميقة حول الموضوع.

يعدّ التاريخ الحضاري العماني، ولاسيما على صعيد الموروث من أهم التواريخ في المنطقة العربية والشرق الأوسط، لما يزخر بهذا التراث من غنى وثراء وخصب على المستويات كلها، ما دفع كثيراً من الأدباء المعاصرين نحو الاغتراف من معين هذا التراث وتوظيفه في نصوصهم الأدبية، ومما يحسب لهذا المؤتمر أنه اختار هذا الموضوع المهم بمحاوره المتعددة كي يكون جوهر المادة العلمية النقدية 

والأكاديمية. 

كانت البحوث بمجملها على درجة عالية من الأهمية وقاربت موضوعات كثيرة داخل الرؤية العامة لمحاور المؤتمر، على النحو الذي دفع كثيراً من الأساتذة إلى تقديم مداخلات مهمة لإثراء هذه البحوث وإغناء أطروحاتها العلمية والأكاديمية، وكان للمداخلات التي تفضّل بها الأساتذة الأفاضل د. محسن الكندي ود. محمد الشحات 

ود. سعيد بو عطية ود. حافظ المغربي ود. فتحي النصري وآخرون.. الأثر الكبير في الارتفاع بسوية هذه البحوث إلى أعلى مقام ممكن، بحيث تحوّلت جلسات المؤتمر فعلاً إلى عرس نقدي وأكاديمي حفل بآراء كان لها الأثر البارز في الفضاء العلمي العام الذي ساد أجواء المؤتمر.

كان للدور القيّم الذي قام به الدكتور ناصر الحسني مسؤول المؤتمر وكل القائمين عليه منهم على سبيل المثال د. فاطمة المخيني ود. هادية مشيخي والشاعرة فوز ريا والشاعر الأستاذ ياسر الغانم، الأثر البالغ 

في إنجاح المؤتمر، إذ أسهموا إسهاماً مهماً في تذليل الصعوبات وتقديم كل ما من شأنه إنجاح هذا المؤتمر من أدق التفاصيل وأبسطها إلى أكبرها وأعقدها، وكان لأرواحهم الطيبة الكريمة السبب الأول في تذليل كثير من الصعوبات التي ترافق مثل هذه المؤتمرات عادة. 

ولزيارة الشاعر سعيد الصقلاوي رئيس جمعية الأدباء والكتاب العمانيين، بصحبة الشاعر عبد الرزاق الربيعي والشاعرة جمانة الطراونة، الأثر البالغ في مضاعفة الترحيب بالضيوف، فضلاً عن تجاذب أطراف الحديث في كثير من الموضوعات الأدبية على اختلاف مستوياتها، ما أثرى الفضاء العام للمؤتمر ووسع من فعالياته خارج أفق المحاضرات الرسمية، ومما أسهم عميقاً في فضاء هذا الغنى الأدبي تلك الأمسية الشعرية التي شارك فيها شعراء مميزون، ما زاد جوّ الأمسية جمالاً 

وعطاء. 

وكل هذا النشاط الخلاق يصبّ في صالح المؤتمر وقد تعددت فيه النشاطات، فضلاً عن النشاط العلمي الأساسي في أجواء الجلسات النقدية ذات الطابع الأكاديمي الخصب، على مستوى الموضوعات النقدية وعلى مستوى طرائق عرض هذه الموضوعات وعلى مستوى الأكاديميين والنقاد العرب والعمانيين الذين اشتركوا فيه.

أما الزيارة التي قام بها المؤتمرون إلى المتحف الوطني بكل ما فيه من كنوز مهمة تحكي مسيرة التاريخ العمانية وحضارته، فضلاً عن زيارة جمعية الأدباء والكتاب العمانيين والتعرف على نشاطات هذه الجمعية، وكذلك زيارة مكتبة الدكتور محسن الكندي، العامرة بنفائس الكتب والمصنفات التي تحكي حركة العلم والمعرفة في عصور 

مختلفة.