نرمين المفتي
استمرت المنظمات الدولية بتحذيرها من المجاعة التي تهدد السودان منذ أن بدأت الحرب في نيسان 2023 بين القوات المسلحة السودانية، التي يقودها عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والمعروفة منذ فترة حكم الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير، وشارك في معارك دارفور. وكان حميدتي نائب البرهان الذي استلم الحكم بعد انقلاب 2021 واللذين وعدا السودانيين بتشكيل حكومة مدنية خلال سنة واحدة، لكنهما اتفقا معا على المماطلة والتسويف. وأسباب هذه الحرب والتي تشكل الحرب الاهلية الخامسة، التي تندلع في السودان في السنوات الأخيرة ودائما تحرق الاخضر واليابس، لا تبتعد عن الاستئثار بالسلطة والسيطرة على جبل عامر الذي اكتشف الذهب فيه في 2012 وينتج 50 طنا من الذهب سنويا ويسيطر عليه حميدتي. ومؤخرا، كررت هذه المنظمات تحذيراتها بجدية واصدرت تقاريرها التي تؤكد أن 18 مليون سوداني سيواجهون مخاطر الموت بسبب المجاعة، خاصة أن المعارك بدأت تدور بشدة منذ نهاية السنة الماضية في ولاية الجزيرة، التي تضم غالبية الأراضي الزراعية في السودان واصبح المزارعون لا يتمكنون من الوصول إلى حقولهم. وكانت وقالت الوكالة الأميركية للتنمية (USAID) قالت في بيان اصدرته في وقت سابق إن "القتال في وسط وشرق السودان، وهي أهم منطقة في البلاد لإنتاج المحاصيل، يشكل تهديداً خطراً لتدبير الغذاء الوطني". بينما كرر برنامج الغذاء الدولي التابع للأمم المتحدة تحذيره بأن السودان سيواجه كارثة جوع، وتؤكد المنظمات الدولية أن المعونات المرسلة إلى السودان إن لم تتوسع فإنها ستواجه أكبر مجاعة في التاريخ وأكبر أزمة جوع في العالم. وأكدت اليونيسيف أن نسبة سوء التغذية بين الأطفال في السودان تجاوزت أسوأ التوقعات. والمجاعة، استنادا إلى أدبيات الأمم المتحدة هي المرحلة الخامسة من مقياس وضعته من خمس مراحل لمراقبة الامن الغذائي في الدول، التي تشهد حروبا أو تواجه كوارث طبيعية. وتشرح هذه الأدبيات أن إعلان المجاعة يعني أن نسبة 20% من السكان في بلد ما أو منطقة ما تواجه نقصا شديدا في الحصول على الغذاء، وأن نسبة 30% من الأطفال تعاني من سوء التغذية الحاد، وأن من بين كل 10000 شخص يموت يوميا شخصان بالغان أو أربعة أطفال بسبب الجوع. واستنادا إلى التقارير، فإن قوات الدعم السريع تحاصر المدن وتمنع وصول المساعدات الغذائية إلى المحاصرين، ويقوم مسلحوها بنهبها، وتضيف أن اللاجئين السودانيين إلى دول الجوار يعانون من سوء التغذية ايضا ويؤثرون في الأمن الغذائي في البلد، الذي يستضيفهم وخاصة تشاد. كنا قد درسنا في الجغرافية بأن السودان (سلة الخبز) العربية لكثرة الأراضي الزراعية الخصبة فيها، ووجود نهري النيل الأبيض والأزرق ووفرة الأمطار، طبعا قبل التغيير المناخي، وفيما بعد اعتبرت ( سلة الغذاء) لأفريقيا عامة وشرقها خاصة. وتشير المصادر الاقتصادية إلى أن السودان بلد ثري بموارده الطبيعية وثرواته المعدنية، حتى بعد انفصال جنوب السودان، والذي يضم أكبر الحقول النفطية، ولكن المصالح والمطامع الشخصية، كانت أهم من مصالح السودان وشعبه. وكان البرهان يعتقد بأن تطبيعه مع الكيان الصهيوني، قد يحميه بينما مد حميدتي يده للتعاون مع الموساد للهدف نفسه والنتيجة لا تزال الحرب مستمرة وتشير تقارير صحفية إلى أن دولا عربية وغربية تساعد، أما البرهان أو حميدتي، فالذهب الموجود في جبل عامر يغري الكثيرون، والذين لا تهمهم إن قضى ملايين السودانيين من الجوع كما لم يهمهم مقتل الآلاف من المدنيين في المعارك واغتصاب الآلاف من النساء ونزوح مليوني داخلي ولجوء مليوني خارجي وارتكاب جرائم حرب. وكانت الجامعة العربية قد شددت في نيسان 2023 على أن "الوضع في السودان مؤسف للغاية وما يحدث حاليا يهدد وحدته" وحاولت أن تقوم بدور وسيط لحل القضايا بين القوتين المتحاربتين، واستضافت مصر وفودا من الجانبين للوصول إلى حل لإنهاء هذه الكارثة البشرية، ولكن!.