أ.د عامر حسن فياض
أراد الكاتب الأمريكي توماس فريدمان عالم اندماج مقابل عالم مقاومة، وأراد نتنياهو عالم بركة مقابل عالم لعنة.. إن عالم المقاومة قادم وعالم الاندماج عالم فوضى أو عالم تفاهة وفق الرغبة الأمريكية الرأسمالية المتوحشة. وإن عالم البركة لا بركة فيه بوجود إسرائيل وعالم اللعنة لا لعنة فيه بوجود المقاومة.
عالمنا المضطرب يمر بصراع بين مشروعين المشروع الصهيوأمريكي ومشروع التحرر المقاوم، أطراف المشروع الأول تقوده حركة متصهينة يهودية مسيحية إسلامية وأذيالها أنظمة عربية وإسلامية، بعضها ساكت بحجة النأي بالنفس، وبعضها الآخر متواطؤ بلا معنى سوى معنى الجهل بمستقبله. أما أطراف مشروع التحرر المقاوم فإنه عالم يقاتل دون أن يبيد لا تقوده جيوش نظامية، بل تقوده مقاومة ضمن وحدة ساحات فلسطينية لبنانية عراقية يمنية إيرانية تنشد عالماً لا يحب العالم الذي ينشده المشروع الصهيوأمريكي، ولا يخاف من مواجهته.
أول الانتباهات نؤكد نعم أن لإيران أذرعا ولكن أليس الكيان الصهيوني ذراعا للولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى أذرع للأخيرة في أوروبا كل أوروبا ومصر والاردن وبلدان الخليج وغيرها الكثير؟ ولكن بقدر ما إن للكيان قدرة قتل وإرادة إبادة فإن للمقاومة قدرة قتال وإرادة مجابهة، وإن "إسرائيل" ترغب بحرب واسعة ولا تقدر عليها لوحدها، بينما المقاومة لا ترغب بحرب واسعة، بيد أنها قادرة على خوضها وأنها ترى "إسرائيل" كالموت الذي لا تحبه ولا تخاف منه.
الانتباهات الأخرى إن الكيان الصهيوني لا يستطيع إعادة سكان تل ابيب إلى شققهم، فهل يستطيع إعادة سكان شمال فلسطين إلى مستوطناتهم؟ مسرحية نتنياهو عنوانها (أنا أريد ولكن لا أستطيع!) والمسرحية الأمريكية (لا نريد قتل المدنيين، ولكن الحرب لا تتوقف أو الحرب لا تتوقف ولكن لا نريد تعرض المدنيين للقتل!)، وعنوان الإبادة الصهيوأمريكية (نهاية الحرب خط أحمر) بينما عنوان المقاومة (عدم نهاية الحرب خط أحمر) وهكذا يصبح الجنون زائداً الغباء هي العلامة الفارقة.
ومن الانتباهات أن فلسطين قضية تحرر وطني لا يمكن تغويلها بأنها قضية دينية، رغم بعدها الإسلامي، كما لا يمكن تقزيمها بوصفها قضية إنسانية رغم بعدها الإنساني.. نعم إنها قضية تحرر وطني لشعب يواجه آخر استعمار تقليدي وأبشع استعمار صهيوامريكي جديد.
ولا تفوتنا انتباهات أخرى كثيرة لأوهام وخدع يراد تمريرها على عقلاء العالم وشعوبه وأولها خدعة طمس جرائم الإبادة على الشعب الفلسطيني، التي عمرها 76 عاماً ولم تبدأ في 7 اكتوبر عام 2023 أي قبل تشكل ايران الجمهورية الاسلامية وقبل انطلاق حماس وقبل ظهور حزب الله، ونؤكد ذلك لكي نرد على خدعة قذف الاتهامات هنا وهناك جزافا، بان ما حصل ويحصل وسيحصل بفعل هذا التشكيل لإيران الإسلامية ولحماس الفلسطينية ولحزب الله اللبناني وتلك التهم أساسها خدعة حقيقتها اتهام الضحية وتبرئة الجلاد !
وحذار من عدم الانتباه إلى خدعة المراهنة على الانتخابات الأمريكية فهي ليست كل شيء ولا هي لا شيء وبكل الأحوال لا رهان على من سيأتي جمهوري أم ديمقراطي، لأن الموقف الأمريكي لحماية الكيان وجرائمه المنفلتة بحق الشعب الفلسطيني وشعوب بلدان المنطقة بذريعة حقه في الدفاع عن النفس، هذا الموقف يؤشر فقط إلى أن التنافس الانتخابي الأمريكي يدور فقط حول من هو الحزب الأكثر دعماً ومساندة لهذا الكيان السرطاني الصهيوأمريكي.
كما ينبغي الانتباه أن عدوانات هذا الكيان هي أفعال وليست ردود أفعال منذ عام 1948 متواصلة حتى على امتداد أيام ما بعد 7 اكتوبر 2023 وللآن وما بعد الآن، وصندوق أهدافه الإبادة ثم الإبادة، والتي تعفيه من التقاتل وتسمح له بالقتل فقط للبشر والشجر والحجر.
أخيراً أدرك مشروع المقاومة ان المسار الحقيقي هو المسار المقاوم وليس المسار السياسي الدبلوماسي الأمريكي والاوربي المخادع، وهذا الإدراك أثبت أن مثقال مقاومة من أجل شرق أوسط من دون الكيان الصهيوني أبلغ من قنطار مساومة من أجل شرق أوسط ضمنه الكيان الغاصب.