ماذا بعد قمة بريكس؟

قضايا عربية ودولية 2024/10/29
...

علي حسن الفواز




كشفت قمة بريكس التي عُقدت في مدينة قازان الروسية، عن معطيات سياسية واقتصادية مُقلقة للغرب، على مستوى توسيع مساحة التنافس، أو على مستوى إعادة توصيف المواقف المناهضة لسياسات الغرب، وباتجاه يجعل من روسيا قطبا حيويا وضاغطا في مواجهة العزلة والعقوبات الغربية، وفي التعاطي النقدي مع التوترات السياسية التي تسود العالم.

طبيعة هذه القمة أثارت حولها جدلا تجاوز الاقتصاد إلى السياسة، فمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في أعمالها أعطى لها زخما أمميا، مثلما أن توسّع مساحة عضويتها وضع الولايات المتحدة والغرب أمام حرج جديد، لا سيما مع بعض الدول التي تُعدّ من حلفائهم، وهو ما بدا واضحا من خلال طلب تركيا الانضمام إلى هذا التكتل الاقتصادي، فضلا عما تركه من أثر في إبراز صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كشخصية تتحدى سياسات الغرب وعقوباته إثر الصراع الروسي مع أوكرانيا. 

اجتماع عشرين زعيما سياسيا، ومنهم زعماء الدول المؤسسة لهذا التكتل، يؤكد حجم المتغيرات في السياسة الدولية، وطبيعة التحالفات الدولية التي باتت لا تخضع إلى الضغط "الأوروأميركي"، مثلما يُشير إلى أن دور روسيا في السياسة الدولية، وفي الأسواق الاقتصادية ما زال فاعلا في التأثير في صياغة التحالفات، وفي إعادة ترسيم المواجهة مع أزمات الاقتصاد العالمي، والحاجة إلى الطاقة والاستثمار، وتقليل "الاعتماد على اقتصاديات الغرب"، مقابل البحث عن توازنات أمنية/ اقتصادية تخفف الضغط عما تصنعه حروب الغرب من مشكلات تهدد الأمن العالمي، ومستقبل الاقتصاد في الأسواق العالمية.. كلمة الرئيس بوتين في أعمال القمة، يمكن أن تضع العالم أمام أفق صادم، فقد أشار إلى أن "عملية تشكل نظام عالمي متعدد الأقطاب جارية، إنها عملية ديناميكية ولا يمكن عكسها"، وهي إحالة إلى طبيعة الخطاب السياسي الذي تطرحه روسيا حول موضوع القطبية الدولية، وضرورة أن يجد المجتمع الدولي أفقا جديدا لأنماط حياته وأسواقه وأمنه بعيدا عن تهديدات الحروب والعقوبات الأحادية، وباتجاه إنشاء عالم أكثر عقلانية وعدلا، وأكثر قبولا من دول تبحث عن حلول لأزماتها ولظروفها الاقتصادية، من خلال الدخول في عالم متعدد الأقطاب، وإيجاد جبهة مضادة لسياسات العنف والتطرف، وهو ما أشارت إليه وثيقة القمة حول إدانتها للعملية العسكرية "الإسرائيلية" في غزة.