كتب رئيس التحرير:
في أيار الماضي أجريتُ حواراً موسَّعاً لـ(الصباح) مع السيّد فيليب لازاريني المفوَّض العامّ لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الذي كان في زيارةٍ إلى بغداد لتقديم شكره للحكومة العراقيَّة على دعمها الوكالة مادياً وسياسياً.
وعلى الرغم من حيازة الرجل مهنيَّة عالية أبعدتْ حوارنا عن حديث السياسة وشؤونها مقتصراً على استعراض الخدمات التي تقدّمها الوكالة للفلسطينيين، إلّا أنه لمْ يُخفِ سخطه على سياسة الكيان الصهيونيّ تجاه وكالته بل تجاه كلِّ المنظمات الدوليَّة ذات الطابع الإنسانيّ. فكان حديثه يقطر أسى إثر مشاهدته الفظائع التي يرتكبها جيش الاحتلال وتعمّده إبقاء المناطق الفلسطينيَّةـ حتى التي لا قتال فيهاـ في ظلِّ وضع أقلّ ما يمكن أنْ يقال عنه إنه كارثيّ ولا يصلح لحياة بشر.
كان هذا وضع الفلسطينيين مع وجود (الأونروا) وما تستطيع تقديمه من خدمات اعترف السيد لازاريني نفسه أنها دون مستوى المأمول، فكيف ستغدو الحال بعد أنْ صوَّت الكنيست الصهيونيّ أمس على قانون يحظر عمل الوكالة؟
مؤكّد أنَّ قرار الكيان هذا يندرج في مشروعه الأكبر وهو إعلان حرب شاملة على الفلسطينيين باستلاب أرضهم وقتل شبابهم وأطفالهم ونسائهم وتجويعهم وتحويلهم إلى نازحين، ثمّ وصل الأمر إلى حرمانهم من الخدمات الفقيرة التي تُقدّم للنازحين في الحروب والأزمات.
حظر (الأونروا) ليس عدواناً على فلسطين وحسب، بل هو في أصله عدوان على الأمم المتحدة، وسلبٌ لحقِّ الفلسطيني في أنْ يكون لاجئاً بعد أنْ سُلب حقّه في أنْ يكون مواطناً.