طه جزاع
"ما يحدث في الشرق الأوسط يظهر أننا فقدنا إنسانيتنا". بهذه العبارة التحذيرية الجارحة، تحدث جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الذي أعرب عن خشيته مؤخراً من أن القانون الإنساني قد أصبح تحت أنقاض غزّة، وفي هذه المرة يؤكد أن العالم على شفير حريق لطالما استمرت الحرب في غزّة ولبنان، حيث تؤكد الأمم المتحدة على أن قطاع غزّة يشهد أعنف وأخطر أزمة إنسانيّة يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
ومثل هذه التصريحات من مسؤولين دوليين يشعرون بواجبهم تجاه ما يرتكبه الكيان الإسرائيلي من حرب إبادة جماعية شرسة، إنما تعبر عن حجم الغضب العالمي على صعيد الرأي العام، والمؤسسات الأممية، والكيانات والتجمعات الدولية غرباً وشرقاً.
فضلاً عن الواجب الأخلاقي الذي تحملته جنوب أفريقيا في سعيها لتقديم مجرمي الحرب إلى محكمة العدل الدولية لإدانة رؤوس الجرائم المستمرة منذ أكثر من عام، وآخر ما قامت به هذا الأسبوع تقديم أدلتها إلى المحكمة، وهي أدلة كافية لكي تصدر حكمها بإدانتهم ومطاردتهم كما يقتضي القانون الدولي الإنسانيّ .
في روايته الشهيرة "الطاعون" يكتب البير كامو إن البلايا هي شيء شائع، ولكنك تصدِّقها بصعوبة حين تسقط على رأسك. لقد عرف العالم من الطواعين ما عرف من الحروب، ومع ذلك فإن الطواعين والحروب تفاجئ الناس دائماً. حين تنشب حرب ما يقول الناس" إنها لن تدوم طويلاً، فهذا أمر مفرط في السخف"، ولكن ذلك لا يمنعها من أن تدوم. وعلى العالم الحر أن يصدق بأنّ حرب الإبادة دائمة في قطاع غزّة ومدن وقرى الجنوب اللبناني وبيروت، بل هي آخذة بالاتساع في غياب الرادع الحقيقي، واغفاءة الضمير الإنساني .