السينما الصهيونيَّة.. تخاريف وتضليل

ثقافة 2024/11/04
...

علي حمود الحسن    



يعاني مشهدنا النقدي السينمائي من شحة في الدراسات السينمائية التي تخص "السينما الصهيونية، عدا قلة تعد على الأصابع، ومصطلح السينما الصهيونية يعني في ما يعنيه :  "الأفلام التي تروّج للأيديولوجية الصهيونية، أو تدعم صورة محددة لدولة إسرائيل، من خلال رسائل معلنة أو مضمرة". ويمكن أن نضيف لها تلك الأفلام التي "بروزت" العرب عموماً بصور نمطية مهينة للإنسان، فهو "البربري، المتوحش، الكسول والفاسد والشره" مثلما يقول جاك شاهين في كتابه الشهير عن الصورة الشريرة للعرب في السينما الأميركية، إذ وعى منظرو الحركة الصهيونية مبكراً لأهمية اختراع "الكاميرا" من قبل الإخوة لومير عام (1895)، لا سيما ثيودور هرتزل، الذي دعا في المؤتمر الأول للحركة في مدينة بازل السويسرية في العام 1897، إلى ضرورة استثمار هذا الاختراع الوليد في نشر الدعوة لإنشاء وطن قومي لليهود، وهذا ما حصل، إذ أرسلوا مصورين سينمائيين مع طلائع المهاجرين الأوائل؛ لتوثيق رحلتهم، ليس هذا حسب إنما أنتجوا أفلاماً تعاضد وتنشر تخاريفهم التوراتية، فضلاً عن ترويج لقضاياهم، وبحسب ما جاء في دراسة الكاتب والشاعر الفلسطيني عز الدين مناصرة، ثمة أربع مراحل  لعموم إنتاج الأفلام التي تساند الحركة الصهيونية وتروج لها: الأولى (1896 - 1948) وفيها أنتجت أفلام تروج لتحسين صورة الوطن الموعود في فلسطين وتدافع عن اليهودي وحقه في العيش في الأرض الموعودة منها: "شمشون ودليلة"، و " درايفوس"(1999)، و"الصبار"(1932)، والثانية (1948 - 1960) وهي في تقديري الأخطر، إذ نضجت الرؤية وتطورت أساليب التسويق، فأنتج أكثر من 32 فيلماً معظمها وثائقية،  تحرض يهود الشتات إلى العودة والعيش في أرض فلسطين، فضلاً عن أكثر من 60 فيلماً هوليوودياً متعاطفاً مع الكيان مروجاً لليهودي الطيب والعبقري والمظلوم، منها: "لتلة 24 لا تُجيب"(1955)، و"الخروج "(1960) الفائز بالأوسكار الذي جلب تعاطفاً عالمياً مع إسرائيل.

والمرحلة الثالثة (1967 - 1973) وهي الفترة التي تلت هزيمة حزيران واحتلال الضفة الغربية وغزة وسينا، وفيها لم تعد الأيديولوجيا الإسرائيلية مضمرة، فتم إنتاج أكثر من 100 فيلم، جميعها دعائية ذات محمول "عنصري" أبرزها: فيلم "الخلاص"، و"راشيل"، و"كل لقيط ملك"، بينما تمثل المرحلة الرابعة الفترة الزمنية عام 1973 وإلى يومنا هذا، وفيها شهدت إسرائيل صدمة "حرب أكتوبر" وتأسيس حركة فتح ما أدى إلى تشوش البروباغندا الصهيونية عن إسرائيل العظمى التي تحارب وحدها 20 دولة عربية، فتحولت السينما الإسرائيلية وحاضنتها هوليوود إلى شيطنة الفلسطينيين وحصرهم في صورة نمطية كإرهابيين وقتلة متوحشين، كما في أفلام على شاكلة  "الأحد الأسود"، و"ملف القدس"، فضلاً عن مئات الأفلام التي تتحدث عن "إبادة اليهود"، بالمقابل لم يستطع العرب جميعاً إنتاج سينما مضادة تعبر عن قضاياهم، خصوصاً تلك التي تخص الأرض المحتلة، عدا قلة تكاد

 لا تذكر.