بغداد: نور نجاح عبد الله
عزا مختصون في الشأن الاقتصادي، الارتفاع الكبير في أسعار الذهب، إلى مضاربات عالمية، بسبب سياسة البنك الفيدرالي الأمريكي، والأوضاع المضطربة التي يعيشها العالم. والتي لها اثر كبير في اقتصادات العالم، التي باتت تجد في الذهب ملاذا آمن.
وبحسب الخبير الاقتصادي دريد العنزي، فإن هناك الكثير من الأسباب أدت إلى هذا الارتفاع المفاجئ، رغم أنه كان يتأرجح بين الزيادة والنقصان، موضحًا أن أهم هذه الأسباب هو النية القوية للصين كحكومة وشركات بشراء كميات كبيرة من الذهب وبشكل مستمر على خلال هذه السنة، وهي المرة الأولى التي تشارك فيها هذه الشركات بشراء الذهب بشكل كبير وغير مسبوق، ولها إمكانيات مالية عالية، وسبب أخر تأثر بهِ الذهب هو خفض الفيدرالي نسبة الفائدة على الدولار المودع في البنوك، وهذه آلية ربح يتعامل بها الكبار والصغار من التجار وأصحاب رؤوس الاموال، بحيث يتقاضون أرباح الفوائد بنسب عالية، وعند التخفيض لنسبة الفائدة إلى ٢٥ درجة، أدى هذا إلى تحويل المستثمرين إلى الاستثمار بالذهب أو المعدن الاصفر، هذه الحالة أدت إلى هجرة كبيرة عالمية من الدولار إلى شراء الذهب.
وأضاف العنزي "كما أن الأوضاع السياسية والتهديدات العسكرية في اكثر من مكان جعلت هذه الجهات التفكير بالاستثمار في الذهب كونه الأكثر آمنًا، وايضًا محدودية الموجود والإنتاج، خلق تخوفاً لدى مستثمري هذا المعدن، ما حدا بهم إلى الإسراع بالشراء مع قلة العرض نسبيا وبطء العرض ايضًا، لاسيما أن أكثر من ٦٠ إلى ٧٠٪ من الموجود من الذهب هو خارج التداول الدولي".
وأكد أن الصين هي الأكثر تعاملا بالذهب، حيث لا تستلم اي مبالغ بقدر ما تستلم معدن الذهب، وهذه العملية تدخل ضمن سياسة زعزعة الثقة بالدولار.
وأشار العنزي إلى أن موضوع المعالجة يكمن بالعودة إلى أسباب الارتفاع وهو نسبة الفائدة التي وضعتها السياسة المالية الامريكية، لكنه أكد أن هذا الارتفاع يعد أقل تأثيرا على الاقتصاد العالمي، لأن الذهب يأتي في مراتب متأخرة من مجموعة تجارات عالمية منها الأسلحة والمخدرات والنفط وغيرها.
وسجل الذهب في الأسواق العراقية ارتفاعاً مطرداً خلال الأشهر الأخيرة، ووصل إلى أكثر من 580 ألف دينار للمثقال الواحد.
وأدى هذا الارتفاع غير المسبوق، إلى حدوث كساد في سوق الذهب، حسبما أفاد الصائغ أيمن عبد الكريم، بأن هذا الارتفاع أثر بشكل كبير في القدرة الشرائية للمواطن، فيما استغلها كبار التجار الذين لجؤوا إلى اكتناز الذهب رغم ارتفاع سعره.
من جانبها، صرحت الخبيرة الاقتصادية، الدكتورة اكرام عبد العزيز إن للذهب أهمية كونه معدناً مهماً للاستثمار وخاصة الاستثمارات طويلة الأمد في أوقات الازدهار والاستقرار وغيرها.
وأضافت ان انظار المستثمرين تتجه إلى أصول مربحة ذات عائدات مجزية مثل الأسهم والعقارات كونها أصولاً منتجة، وعائدا استثماريا كبير، لكن حينما تأتي فترات للأزمات في أبعادها واشكالها المختلفة، فأن حماية الثروات من التقلبات الاقتصادية وبهذا فالحل يكمن عن طريق الاستثمار في الذهب، أي التوجه نحو اقتناء كميات كبيرة من الذهب، لأن الذهب استثمار مربح.
وأوضحت اكرام أن الذهب ملاذ آمن في ظل الاضطرابات السياسية والاقتصادية كونهُ عنصرا كفيلا بأن يكون عامل الاستنباط بالثروة، في ظل ارتفاع التضخم، مشيرة إلى أنه في ظل الأوضاع المحيطة، يكون صعب التنبؤ في قيمتهِ ويجعل الاستثمار في غير الذهب جانباً غير مجدٍ في هذه الاضطرابات الجيوسياسية.
وأضافت الدكتورة إكرام إن المستثمرين هم ذوو حنكة وخبرة، ويدركون أن الذهب افضل وسيلة لخزن القيمة، وافضل وسيلة لتنويع محافظهم الاستثمارية في ظل كل المخاوف، والعالم كله يشهد صراعات وتحديات كبيرة وتحولات جيوسياسية وما نجم عنها من آثار ومخاطر ألقت بظلالها المعتمة على واقع الاقتصادات بشكل عام، وايضًا التوجهات السياسية النقدية لبعض البنوك العالمية، وبالتالي توجهت بعض البنوك إلى شراء الذهب والاحتفاظ به، ومن جانب آخر أن البنك الفيدرالي الأمريكي قام بتخفيض سعر الفائدة، وبالتأكيد هذا أثر في العوائد الاستثمارية من قبل المستثمرين في شراء الذهب، وهذا التدافع لشراء الذهب رفع من سعرهِ، فضلًا عمَّا يحدث من حروب منها ما يحدث في غزة وما تلاها لبنان وايضًا الحرب الروسية الاوكرانية، جميعها كانت سببا للتوجه نحو شراء الذهب.
وأشارت إلى أنه لا توجد معالجة حالية لارتفاع هذا السعر المفاجئ، كون هذه الظاهرة تشمل جميع دول العالم، لهذا توجهت بعض الدول كروسيا والصين لاقتناء الذهب وزيادة طلبهم عليهِ، وكل هذا تجنب العقوبات المفروضة عليهم، وكذلك الهند توجهت نحو زيادة شراء الذهب، رغم أنها خفضت الرسوم المفروضة على الواردات، وحصنت نفسها من هذه التقلبات التي تحدث، وبالطبع كلما ازدادت التوترات ازدادت حالة عدم اليقين، ولا يكون أمام الدول والمستثمرين الا التوجه نحو شراء الذهب.