علي حسن الفواز
فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، وترك للمرشحة الديمقراطية كاميلا هاريس أوهام اللياقة التي ستعترف عبرها بهزيمتها الانتخابية، لكن فوز ترامب الدراماتيكي لن يكون سهلاً، وسيضعه أمام ملفات مفتوحة، وصراعات من الصعب تجاوزها، وسياسات ظلت عالقة، صنع بعضها فريق الرئيس الديمقراطي جو بايدن، على تغويل الحرب في أوكرانيا، وعلى مستوى دعم العدوان الصهيوني في غزة وفي لبنان، وانتهاء بقرار إرسال الطائرات الستراتيجية B- 52 الأميركية وطائرات F15 إلى الشرق الأوسط، وهو ما يعني احتمال مشاركة الولايات المتحدة في صراع قد يحدث في المنطقة..
تسخين أجواء الشرق الأوسط، ليس بعيداً عن "المخفي" في السياسة الأميركية، لكن الظاهر منه سيكون جزءاً من الملف الرئاسي، فتحويل القواعد الأميركية إلى معسكرات مفتوحة، سيرفع منسوب جماعات اليمين الأميركي، وسيضع المنطقة تحت إيقاع طبول الحرب، وعند أزمات تختلط فيها الأوراق، لاسيما بعد تفكك المنظومة السياسية في الكيان الصهيوني، وإقالة وزراء الدفاع والخارجية، والتهديد بإعادة تأجيج الحرب الأهلية في اليمن، عبر دعم أميركي لفصائل سياسية وعسكرية في عدن، مع استمرار الجبهة السودانية مفتوحة على مزيد من العنف الأهلي.
هذا التداخل بين الملفات ليس طبيعياً، وليس بعيداً عن القراءة الأميركية للواقع الأمني في المنطقة، فرغم أن الناخب الأميركي تشغله همومه الاقتصادية الداخلية، أكثر من اهتمامه بـ"الحروب العبثية" لكن ما سيجري ما بعد فوز ترامب، سيكون مدعاة لإثارة أسئلة جديدة، تتجاوز سيرته الشعبوية، إلى معطيات وقائع ساخنة، وإلى تداعيات قد تُزيد من خلط الأوراق، ومن تعقيدات الواقع السياسي والأمني، لاسيما ما يخص شعارات الأمن القومي الأميركي، وعلاقة هذا الأمن بدعم الكيان الصهيوني، وصناعة الأزمات هنا أو هناك، والذهاب إلى خيارات عسكرية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في حال القيام بتوجيه ضربة عسكرية للكيان الصهيوني..
نتائج الانتخابات الأميركية لا تعني التبشير بسياسة ديمقراطية وناعمة، وبأن الرئيس المنتخب سيتحول إلى "بطل سلام" والسيدة هاريسون ستحمل ذاكرة " جين فوندا" الرومانسية، لأن البرغماتية الأميركية ستظل حافلة بكثير من النقائض، وبكثير من السياسات التي تصنعها الشركات ورؤوس الأموال وجماعات اليمين المتطرف، والتي تتغذى في سياساتها على الحروب والمصالح العابرة للقارات، وهذا ما يُعطي لمرحلة الاستعداد لتسنم البيت الأبيض من جديد فرصة للمراجعة، ولوضع ستراتيجيات جديدة، تتوزع بين تصفير الحروب كما أعلن ترامب في حملته الانتخابية، أو بين العودة إلى سياسة الأزمات وأسواق السلاح والشعارات الشعبوية.