الإبرو.. فن تطريز الغيوم وحاجب العين

ثقافة 2024/11/11
...

لسنوات طويلة في صباي المبكّر كنت أفكر كثيراً بتفاصيل دقيقة لبعض الأشياء التي أجدها جميلة وغامضة جداً، ولا سبيل لي لمعرفة أسرارها ومكوناتها ومنها (وشاح رأس جدتي) فقد كنت أتساءل كيف امتزجت ألوانه؟ وكيف ظهر بهذا الشكل الخلاب!. حتى شاهدت فيديو لفنان يخلط الألوان على الماء ومن ثم يفرشها على قطعة من القماش بطريقة رشيقة وجميلة وأن ما فعله هذا الرجل يسمى (فن الإبرو).

ويعتبر هذا الفن  من الفنون القديمة جداً، حيث يمارس داخل حوض مستطيل الشكل مملوء بالماء، ثم يوضع فوقه مادة (الكيراجين) ويترك ليوم كامل حتى يتكاثف  ويصبح ثقيلا متماسكا، إذ تنتقى الألوان الطبيعية، وتسكب بعناية فوق الماء واحداً تلو الآخر، ومن ثم يعاد خلطها بكل هدوء وسلاسة ودقّة.  

ومن تتبع تأريخ هذا الفنّ نكتشف إنه فنّ قديم جداً،  إذ عُرف قبل أكثر من ألف عام في الصين، وكما هو حال الفنون الأخرى فقد شق طريقه نحو دول العالم أجمع فوصل إيران، ثم وصل الدول التي كانت تحت السيطرة العثمانية، ومن ثم انتشر في جميع دول العالم. 

وهذا الفنّ على الرغم من الكثير من التفاصيل التي لا يتسع لها هذا المقال التي من الممكن أن تقال عنه وعن أثره في الحياة، وما هي الأسباب التي جعلته فنا مهماً ؟   

هو فنّ ممتع جداً، إذ أن هناك الكثير من التشويق فيه، فعند النظر إلى اللوحات التي تظهر في الفيديوهات من خلال  "السوشيال ميديا" نرى المواهب الجادة وهي تعرضه من خلال أدق التفاصيل، وعادة ما تحقق هذه الفيديوهات مشاهدات كثيرة جداً.

ولعلّ من أهم جوانب متعة هذا الفنّ إنه يعرض اللوحة في حالة تكوين ودهشة، حيث تتشكّل اللّوحة مباشرة أمام المتلقي، فضلا عن غرابة الاشتغال، حيث يدخل الماء كمكون رئيس في صنع ابهار الألوان المتناغمة.

إن حضور فنّ الإبرو لم يقتصر على دولة محدّدة، بل له تواجد في الكثير من دول العالم كما قلنا. لكنه تطور ونسب إلى الدولة العثمانية واستعمل في الخط العربي وكتابة الآيات القرآنية، حيث الاتقان والحساسية وأنت ترسم على ماء مكثف أو متشابك.