الترامبيَّة القادمة

الصفحة الاخيرة 2024/11/12
...

د. علاء هادي الحطاب 




ينشغلُ كثيرٌ من المحللين السياسيين والمختصين في العلاقات الدوليَّة وكذلك السلوك السياسي، بمرحلة ما بعد تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للسلطة، الذي عُرِفَ عنه في ولايته الأولى بالتشدد والجرأة وربَّما المغامرة في اتخاذ القرارات، وعُرِفت عنه الفضاضة في سلوكه السياسي، إذ يتعامل في حكمه للولايات المتحدة الأميركيَّة وفق مبدأ الربح والخسارة فقط. إذ لا ثوابت ولا ضوابط يمكن أنْ تتوقعها في سلوكه.

اليوم وبعد فوزه الجديد وبفارقٍ متقدمٍ على غريمته كمالا هاريس وحزبها الديمقراطي، وسيطرة الحزب الجمهوري على الغرفتين التشريعيتين والرقابيتين في الكونغرس والشيوخ، الأمر الذي سيتيح لترامب إطلاق اليد في أفعاله من دون خشية من أغلبيَّة نيابيَّة بإمكانها عرقلة أو إعاقة ما يصدر من قرارات، ترامب سيتسلم السلطة ومنطقة الشرق الأوسط على صفيحٍ ساخنٍ، إذ الحرب الدائرة في غزة ولبنان والتي يبدو أنَّها ستستمر طويلاً، نتيجة تعنت حكومة الليكود المتطرف، فضلاً عن دخول إيران على خطّ المواجهة سواء برغبتها أو رغماً عنها، كذلك الجبهة اليمنيَّة التي تقاوم تارة في البحر وأخرى بإطلاق صواريخها على مناطق إسرائيليَّة.

ترامب المعروف عنه دعمه المطلق للصهيونيَّة ورئيس وزرائها النتن ياهو، فهو الذي قام بنقل السفارة الأميركيَّة من تل أبيب الى القدس المحتلة والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، إذ لم يتوان عن تقديم دعمٍ مطلقٍ لآلة القتل الصهيونيَّة أكثر ممَّا يجري من جرائم ومآسٍ.

على الجانب الغربي تتخوف الدول الأوروبيَّة من سلوك وقرارات ترامب إزاء الاتحاد الأوروبي الذي كان لديه موقفٌ نقديٌ تجاهه، إذ عدّه منافسًا اقتصاديًا وسياسيًا للولايات المتحدة، وعبَّرَ عن مواقف غير تقليديَّة حيال التحالفات التقليديَّة الأميركيَّة، مثل حلف الناتو والعلاقات الأميركيَّة الأوروبيَّة، كذلك انتقد ترامب سياسات الاتحاد الأوروبي التجاريَّة بشكلٍ خاصٍ، معتبرًا أنَّ الاتحاد يمارسُ سياساتٍ غير عادلة ضدَّ الولايات المتحدة من خلال فرض ضرائب ورسومٍ عالية على المنتجات الأميركيَّة، وهدَّدَ بفرض رسومٍ جمركيَّة على منتجات أوروبيَّة، لا سيما السيارات، وكان ترامب يؤيد أيضًا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وكان يؤمن أنَّ الدول الأوروبيَّة يجب أنْ تسهمَ بمزيدٍ من الأموال في حلف الناتو عوض الاعتماد الكبير على الولايات المتحدة في الدفاع عن أوروبا. لذا فالعالم برمته شرقه وغربه متخوفٌ من طريقة حكم والقرارات الترامبيَّة الجديدة، بعد أنْ جرَّبَ الترامبيَّة السابقة.