أنا عراقي أنا أقرأ

ثقافة 2024/11/17
...

  بغداد : نوارة محمد

أقيمت أمس السبت، فعاليات الدورة الحادية عشرة من مهرجان "أنا عراقي أنا أقرأ" على حدائق أبي نواس، وسط العاصمة بغداد.
الفعاليات التي تستمر بواقع يوم واحد سنوياً، يعدها المهتمون من أبرز النشاطات الثقافيّة على مستوى العراق، لما حققته من نجاحات خلال الأعوام السابقة، من حيث استقطاب جمهور كبير من القرّاء، والتأسيس لحدث سنوي يتطور تدريجيّاً.

ووصف الشاعر عمر السّراي فعاليات المهرجان بأنّه يمثل توجهاً ثقافياً مدنياً عميق التأثير، فهي الفعالية التي تمكنت من أن تكرّس وجودها عبر مواسم ومواسم، واستطاعت أن تثبت حضورها بين الاوساط المجتمعية وليست الثقافية فحسب، لذلك نلاحظ أن ثمة جمهورا ينتظرها دائماً، وأن سعة المريدين المتابعين لها على ازدياد عاماً إثر آخر، وهي عدا ذاك فعالية تنقل الثقافة من كونها معطى نخبوياً إلى كونها معطى اجتماعياً يصل إلى الجميع.
وأضاف: "انا عراقي - أنا أقرأ" هي الفعالية التي يجتهد شبابها على أن يجمعوا كتباً مهمة عن طريق تبرعات القراء ومحبي الكتب والمثقفين لتصل إلى جمهورٍ جديد، وهي بمثابة إعادة تدوير الثقافة والمعرفة بحيث لا تتوقف عند حد معين وهو المبدأ الذي تقوم عليه بمفهومها العام.
بدوره، قال رئيس المنظمة، الصحفي عامر مؤيد: إنّ "هذه الدورة التي اعتمدت شخصية الناقد والكاتب فوزي كريم، تنوعت بين عروض مسرحية للأطفال وزوايا توقيع الكتاب ووقفة تضامنية مع لبنان وفلسطين، فضلا عن حفلة موسيقية".
وتابع: عملنا خلال الشهرين الأخيرين على جمع الكتب وعدها وفرزها على حسب النوع والمضمون، فضلاً عن التجهيز اللوجستي، وكان كل هذا بدعم وجهود المتطوعين والأعضاء الذين عملوا طيلة هذه الفترة بشكل مجاني، وبالإضافة لجهات داعمة منها رابطة المصارف العراقية، واتحاد الادباء والكُتاب العراقي، ودار الشؤون الثقافيّة، وشبكة الاعلام العراقي ومقهى قهوة وكتاب.  
وأضاف أن "هناك تحديا لاستمرار المهرجان، لأن الجهود المبذولة ذاتية، وخاصة أن الظروف العامة لا تصب كُلّها في صالح استمرار الأنشطة الثقافية، فضلا عن رواج الثورة المعلوماتية، وإتاحة المؤلفات والكُتب بجميع لغات العالم إلكترونيّا على الإنترنت، وإمكانية تحميلها بالمجان، الأمر الذي أضعف سوق الكُتب الورقيَّة، وها نحن نحاول أن نعيد الكتاب الورقي إلى المكتبة العراقية ونؤكد أهمية وجوده".
وأشار إلى "أنّنا حاولنا أن نوفر أكبر مساحة للزوار، كي يتمكنوا من الحصول على الكتب بسهولة ويُسر".
أما الناشط بهاء كامل، وهو أحد منظّمي المهرجان، فقال إنّ "هذا المهرجان الذي يُعد أكبر المهرجانات الثقافيّة المهتمة بتوزيع الكتب المجّانية في الشرق الأوسط، يؤسس لحراك ثقافي مهم، ويجسد تنشيط الحركة الفكرية والمعرفية بالدرجة الأولى".
ويؤكد: أسهم في تجميع هذه الكتب عددٌ كبيرٌ من المتبرّعين وهم من أصحاب المكتبات العامة والشخصية، ودور النشر، والمطابع المركزية، والمتبرعين من الطبقة النخبوية والكُتاب، فضلاً عن الداعمين للمنظمة، موضحاً: كنا ولا نزال نحاول أن نزّج الكتاب في أكبر عدد ممكن من المكتبات العراقيَّة، وأظن أننا نجحنا في تنشيط الكتاب الورقي بين الطبقات الاجتماعية كافة.
من جهته، قال الناشط والأكاديمي د. ستار عوّاد، وهو أحد أعضاء منظمة "أنا عراقي، أنا أقرأ": قبل عقدٍ من الزمن، انطلقت فعاليات هذه المبادرة في العراق كاشتراك ثقافي لقراءة الكتاب على حدائق أبي نواس بشكل جماعي غاية في خلق فضاء معرفي بين مجموعة شُبان مثقفين مهتمين بالحركة الفكريّة، لكن الأمر سرعان ما تحول إلى توزيع الكتاب بين الناس، وهو ما يشكل وعياً جديداً يهدف لجمع الكتب وتوزيعها بشكل مجاني، ومحاولة لتعويض ما فرضته الظروف الاقتصادية والسياسية التي أدت بدورها إلى تراجع تداول الكتاب، وهو ما لم تستطع المؤسّسات الرسميّة تجاوزها عبر الأنشطة التابعة لها سواء في معارض الكتب التي تُباع فيها الكتب بأسعار مرتفعة أو في سوق الكتاب ودور النشر.
أما د. عماد جاسم فقال: أنا من المواكبين لهذا النشاط المتمدن الحضاري، وقد حضرت أغلب فعالياته، بل وكنت مستمتعاً جداً، وأجد أنه فرصة رائعة لتعريف الجمهور بأهمية الكتاب، فضلا عن أنه يعكس صورة ايجابية عن الجمهور العراقي الذي يؤكد في حضوره بالآلاف في هذه التظاهرة الثقافيّة على الاهتمام بالوجه الثقافي في البلاد، إذ تتصدر الفعاليات الثقافية عمليتا توزيع الكتب وزوايا التواقيع لكبار الكتاب وملتقى النخبة المثقفة، مؤكدا أن الأهم من ذلك كله هو التواجد الملفت للقامات الثقافيّة، الأمر الذي يدل على حيوية المجتمع وعشقه للتمدن وللفنون، والجانب المشرق هو ذلك الاصرار الشبابي على العمل التضامني الجماعي لإنجاح فعالية تتوسّط العاصمة بحضور الأسر.