{المتدرب}.. صورة ترامب في شبابه

ثقافة 2024/11/18
...

علي حمود الحسن    



ينتمي فيلم "المتدرب" (2024) للمخرج الدنماركي الإيراني الأصل علي عباسي، الذي عرض الأسبوع قبل الماضي في سينمات المول البغدادية إلى أفلام السيرة الذاتية، ويتناول بدايات الرئيس الأميركي ترامب الفائز بولاية جديدة رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، وأيام شبابه وعلاقته بعرابه المحامي الفاسد والشرس كوهين، مستشار مكارثي المعروف بمطاردة اليساريين الأميركيين، وتسبب بإعدام بعضهم.. هذه السيرة التي تدون ما نعرفه عن شخصيات وأحداث واقعية، تجعل مهمة كاتب السيناريو والمخرج صعبة وحساسة أيضاً.

 يسرد الفيلم يوميات الشاب ترامب (سيباستيان ستان) الذي يعمل في العقارات، ويجبي إيجارات مجمع والده السكني، المأهول بذوي الدخل المحدود، مستثنياً السود من السكن فيه لفرط عنصرية. ويملك ترامب طموحاً بلا حدود ولا محددات للحصول على حلمه الأثير بإنشاء فنادق باذخة في مدينة نيويورك التي تبدو "مهجورة" من وجهة نظر الشاب العشريني، الذي تربى في كنف أب متعنت وعنصري يتعامل مع أبنائه وفقاً لمقاييسه الربحية (جسده باقتدار مارتن دونوفان)، فكان ضحيته ابنه الكبير الذي غالباً ما يصفه بالفاشل، وهو الطيار المدني، فينتهي به المطاف مدمناً. بينما يرى في ترامب محض حالم لا خير فيه، لا يتأثر ترامب كثيراً بذلك، ويعمل على تحقيق حلمه بأن يكون ملك عقارات نيويورك، يلتقي كوهين وهو محامٍ له سمات شيطان يعمل في المجالات المريبة، ولا يتوانى أن يفعل أي شيء من أجل كسب قضاياه، شاذ وموغل في الفساد، لكنه شهير ومقرب من ثلاثة رؤساء أميركيين، يتبنى ترامب الشاب الأشقر الغرير، ليشكله وحشاً آدمياً بلا قلب، فينقذه من عشرات القضايا ويحصل له على إعفاءات ضريبية تتجاوز الـ (150) مليون دولار. وقبل كل ذلك يسلمه مفتاح النجاح الذهبي الأميركي من خلال وصايا ثلاث مفادها: "اهجم.. اهجم"، و"انكر كل شيء"، "وادعِ النصر وإن كنت مهزوماً". ينطلق ترامب في عالم الصفقات العقارية مثل شهاب، وتسلط عليه الأضواء، بينما يخفت سطوع روي وتلاحقه فضائح الفساد والديون ويصبح خطراً على كل من عرفه. يصاب بالإيدز ويموت كمداً، وهو يرى صنيعته وقد خذله بالقسوة ذاتها التي كان ينصحه بها لسحق أعدائه. طغت شخصية المحامي الرهيب روي كوهين التي قدمها بأداء مميز ومتنوع جيرمي سترونغ، على شخصية ترامب الصاخبة  التي أداها ببراعة تصل إلى حد التماهي ستان، فهو الطموح والنرجسي الحسي والأكثر من هذا عيون صلدة لا تستحي، ولا ترى أمامها سوى الغنائم. نجح الفيلم رغم رفض الكثير من الشركات شراء حقوق توزيعه بعد هجوم ترامب عليه. الفيلم المقتبس من برنامج واقع أميركي قدمه ترامب في العام 2004، لاقى قبولاً نقدياً وجماهيرياً معقولاً في مهرجان "كان". إلا أن معظم شركات التسويق عزفت عن شرائه، بسبب هجوم ترامب على الفيلم ومنتجيه، إذ وصفه بـ "المثير للاشمئزاز".