الجمهور والإعلام

الرياضة 2024/11/18
...

علي الباوي




الطرق التحليليَّة المدعَّمة بالخبرات هي التي تقرأ المباراة بعمق، وهذه الطرق لا تعتمد على ما كان يجب أنْ يحدث وإنّما على مجريات ما حدث فنحن مهما كانتْ قدراتنا لا تبيح لنا القول إنَّ التشكيلة التي دخل بها المنتخب العراقيّ في مقابلة الأردن على ملعب (جذع النخلة) كان ينقصها كذا وكذا، فهذه خيارات مدرِّب هو الأدرى بأدواته وبجهوزيَّة اللاعبين وبالتالي لا توجد مغامرة بقدر ما توجد معطياتٌ موضوعيَّة وعلميَّة. 

قبل اعتماد المدرِّب الأجنبي كنّا نخضع لضغوطاتٍ كثيرةٍ ولا تهمّنا العلميَّة والقياسات التحليليَّة ووجهة النظر بل نُلبّي رغبة فلان وعلّان ونزجّ باللاعبين اعتماداً على دعاء الأمّهات وجمهور الملعب ولهذا كانتْ نتائجنا كارثيَّة ومكانتنا متراجعة وقوانا مضطربة.

للأسف الشديد نحن جمهوراً وإعلاماً لا نُعير أيَّ اهتمامٍ للجهاز الفني الذي يبني رؤاه على معطياتٍ علميَّة تحليليَّة وإنما نقيس الأمور بما نُحبّ ونكره وهذه كارثة كبيرة لنْ تُتيح لنا التطوّر وبناء قاعدةٍ سليمةٍ لمنتخباتنا. 

الكادر الإسباني بقيادة المدرِّب كاساس عمل بكلِّ مسؤوليَّةٍ ونزاهةٍ والنتيجة التي خرجنا بها من ملاقاة الأردن كانتْ طبيعيَّة ومنطقيَّة ولا تستحقّ كلَّ هذا التهويل والتنكيل والضجَّة الفارغة. لقد رأينا في الأسابيع الماضية كيف مُني فريق ريال مدريد بهزائم قاسيةٍ ومتتاليةٍ وهذا لا يعني أنَّ هذا الفريق انتهى وتراجع، وعليه مراجعة فكره التدريبي، والأمر ينطبق أيضاً على كثيرٍ من المنتخبات التي لها باع طويل في مسابقاتٍ عالميَّة ولعلَّ أبرزها منتخب البرازيل الذي خسر خلال التصفيات الحاليَّة (4) مرات.

كاساس لم يأتِ ليلعب كما تريد الأهواء والآراء وإلّا لماذا جئنا به إذا كنّا نفهم بكرة القدم الحديثة ونقدر على الفوز بما نتخيّله الأصلح من اللاعبين. كاساس أتى لكي يبني لنا قاعدةً لكرة قدمٍ حديثة. إنَّ أيَّ مباراةٍ هي مسألة تقديراتٍ وخططٍ ولا يوجد مدرِّب في العالم لم يخسرْ مباراةً أو لم يتعادل. 

علينا النظر بعين الموضوعيَّة لما جرى وعلينا تثقيف جماهيرنا بالشكل الذي يدلّ على تحضّرنا ومكانتنا كشعبٍ له تاريخ ويحترم الآخر ولا يرى في كرة القدم صراعاً عنصرياً وكرهاً واعتداءً.