صفاء عبد الهادي
«التغيير لا يأتي من رحم الصدف، بل من البيانات الدقيقة والتخطيط السليم”... هذه المقولة التي تُنسب الى مفكر أميركي، تجسد أهمية التخطيط المنهجي الذي يعتمد المعلومات الدقيقة لتحقيق التغيير الاجتماعي والاقتصادي.
في العراق، ما زالت الإحصائيات الواقعية مفقودة، ما جعل من الصعب وضع استراتيجيات تنموية فاعلة تتواكب مع احتياجات السكان. ففي ظل غياب البيانات الدقيقة، عاشت البلاد حالة تخبط في القرارات، أدت إلى تدهور مستوى الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والإسكان.
اليوم، يتيح التعداد السكاني فرصة لتصحيح هذا المسار، وصولاً الى تحولات حقيقية في السياسة التنموية، فالتعداد لن يقتصر على إحصاء الأفراد، بل يوفر قاعدة بيانات حيوية تساعد في تصميم استراتيجيات بناءً على معلومات دقيقة عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي، إضافة الى “تمكين أبناء الشعب العراقي من ممارسة حقوقهم الأساسية، في ظل مبدأ العدالة الاجتماعية الذي يمثل جوهر المواطنة.
ففي بلد يواجه تحديات متزايدة على مستويات عدة، يمثل التعداد مشروعاً وطنياً بعيداً عن الانتماءات الحزبية والطائفية.. وهو بمثابة دعوة لتمثيل كل المواطنين على قدم المساواة، وتوفير البيانات التي تعكس تنوع العراق وتعدده، وتضمن تمثيل الفئات كافة، وتلبية احتياجاتها بإنصاف، ولذلك فأن التعداد يتطلب مشاركة فاعلة من المواطن الذي يجب أن يعي أهمية دوره في تقديم بيانات دقيقة، فكلما كانت البيانات أكثر دقة، كلما أصبحت السياسات التنموية أكثر فاعلية وواقعية.
في النهاية، المواطن حجر الزاوية في بناء أي مجتمع عادل ومتوازن، ويجب أن يكون دوره فاعلاً في صياغة سياسات التنمية التي تُحسّن حياته وتحقق مستقبلاً أفضل للأجيال القادمة، اذ لا يمكن لأية تنمية أن تكون عادلة أو مستدامة من دون أن يكون المواطن في قلب العملية، وهو الذي يُكرّم نفسه..
ومن لا يكرِّم نفسه لا يُكرَّم..