كتب رئيس التحرير:
التعداد العامّ للسكّان الذي سيشهده العراق يوم غدٍ سيكون علامة دالّة على عودة سياقات الحياة الطبيعيَّة بعد عقودٍ طوالٍ من انشغال العراقيين بالقلق على مصير بلادهم من حروبٍ عبثيَّةٍ وحصارٍ قاسٍ وحربٍ مصيريَّةٍ ضدَّ عصابات الإرهاب واضطراباتٍ سياسيَّةٍ وطائفيَّة، وحيث لم تكنْ تنتهي أزمة إلّا وهي تُسلّم زمام الأمور إلى أزمةٍ أكبر، وبدا كما لو أنَّ مجرَّد التفكير بإقامة تعدادٍ للسكّان يُعدّ ضرباً من الترف في سنوات الاضطراب الأمنيّ التي اجتزناها بمزيدٍ من الدم والألم.
اليوم تفي حكومة السيّد محمّد شياع السوداني بالتزامٍ آخر وعدتْ به، وتُثبت للجميع أنَّ توفر الإرادة والتخطيط السليم من شأنه أنْ يضع الدولة على مسارٍ يُفضي إلى مستقبلٍ يمسح سواد تلك السنوات التي كان فيها الوطن منشغلاً بمصيره عن صناعة حاضره ومستقبل أبنائه.
حدث يوم غدٍ غير مسبوقٍ في تاريخ العراق، لأنّه سيكون أول تعدادٍ للسكّان تُستخدم فيه أحدث التقنيات وسيشمل حقولاً وموارد لم تكنْ مستوفاةً في النسخ السابقة، ما يجعله الأوسع والأكثر دقة منذ تأسيس الدولة العراقيَّة.
المؤشّرات التي ستخرج بها نتائج التعداد ستكون هي الركيزة الأساس لكلِّ الخطط التنمويَّة المقبلة، إذ ستكون لدى صنّاع القرار صورة وافية عن حاجة البلد من مدارس ومستشفياتٍ وخدماتٍ وبنى تحتيَّة ومساكن، وهي مقدّمات واجبة للعمل على الارتقاء بحياة المواطنين وتوفير سبل عيشٍ كريمٍ لهم.
التعداد ممارسة حضاريَّة وسيُثبت العراقيون غداً أنهم أهلٌ لكلِّ ما هو
حضاريّ.