محمد غازي الأخرس
إلى الديوانية أيضاً، مدينة الطيبين التي دعيت إلى مهرجانها الأول، "مهرجان النفرّي الثقافي" مؤخراً. أي والله، راقني المهرجان الذي خصصوه لدراسات وأوراق بحثية عن محمد بن عبد الجبار النفرّي، المتوفى سنة 965 للميلاد، صاحب "المواقف والمخاطبات"، الذي وصل تأثيره إلى الحداثة العربية المعاصرة. نعم، حين رأيت البرنامج المطبوع بأناقة همست لنفسي ـ يبدو أنه مهرجان مختلف.
وإذ حضرت الجلسة الأولى منه التفت إلى نفسي وقلت لها ـ حدسك في محله إذن، المهرجان مختلف حقّاً، فالوقت مضى دون أن أشعر به. لماذا المهرجان مختلف؟ ببساطة، لأن النفرّي غني في ثيماته، ويبدو أنه حرّض الباحثين على إخراج أفضل ما عندهم. فضلا عن أن الأوراق كتبت بهدوء، وليس "سلقاً" كما كان دأب المهرجانات في السابق. الحال إن هذا التغير لا يخصّ مهرجان الديوانية الأول فقط، بل إن أصدقاءنا من منظمي المهرجانات الأخرى بدأوا ينتبهون إلى المثلب القديم، فوضوية التنظيم وارتجاليته، وسيادة منطق "سلق" الأعمال والأوراق التي يشارك بها الباحثون. ألاحظ هذا في الفترة الأخيرة، لقد بدأوا ينتبهون إلى الخطأ، فيحرصون على استكمال الأوراق قبل عقد مهرجاناتهم بفترة ليتسنى لهم طبعها في كتب تصدر قبل انعقادها. لاحظت ذلك في مؤتمر السرد الخامس المنعقد في بغداد، ومهرجان النفري بالديوانية. وأتوقع أن يحدث في مهرجان الكميت الذي "خبصني" منظموه في إكمال
ورقتي وإرسالها لهم قبل المهرجان بأسبوعين.
إنه تطوّر جيد، إذا أضيفت له الدقة في التنظيم والالتزام بالمواعيد. كل ذلك تحقق في الديوانية، هذه هي شهادتي لمهرجان "النفرّي"، فاحفظوها عني.