علي حسن الفواز
يكشف إصدار مذكرتي اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت من المحكمة الدولية الجنائية، عن واقع قانوني جديد، وعن تفعيل حقيقي لإجراءات هذه المحكمة وهي تنظر في موضوعات جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ارتكبها هذان المجرمان في العدوان على غزة، مع رفض أيّ طعون لتعطيل تنفيذها، بوصف أن هذه الجرائم تدخل في سياق القتل العمد والتجويع والاضطهاد كما جاء في حيثيات توصيف الحكم.
إن العمل على تنفيذ هذا الحكم يخص 124 دولة وقعت على قانونها، وعلى إجراءاتها التي تعدّ لازمة، وإن طلب المدعي العام يضع العالم أمام مسؤولياته في احترام القانون الدولي، بقطع النظر عن رفض الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لهذا الحكم، إذ سيجعلهما هذا الرفض مفضوحين أمام الرأي العام الدولي، ومتواطئين مع ارتكاب جرائم الحرب ضد الإنسانية، وهو ما أكده كريم خان المدّعي العام للمحكمة بأنه "يجب أن يتوجه وعينا الجماعي واهتمامنا إلى ضحايا الجرائم الدولية"، لأن ما جرى منذ السابع من تشرين الأول عام 2023 تجاوزٌ خارق وخطير، مع تصاعد مريع للعنف والكراهية والفصل العنصري، وأن المسؤولية الجنائية تقع على عاتق مجرمي الحرب "نتنياهو وغالانت" اللذين ارتكبا الجرائم عن عمدٍ وقصد، وعن تعريض السكان المدنيين في غزة والضفة الغربية من أطفالٍ ونساءٍ وشيوخ إلى سياسات الإبادة والتجويع، بوصفها من أكثر وسائل الحرب قذارة وإيذاء.
ردود الفعل الدولية كانت صادمة للكيان الصهيوني، فبقدر ما أن أغلب دول العالم قد وقعت على قانونها، فإن الالتزام بقراراتها سيكون هو الفيصل في احترام الإرادة الدولية، وفي الالتزام بها وتنفيذها، إذ لا يتحمل الأمر الازدواجية، وتفصيل الأحكام على هذا الحكم أو ذاك، كما أنه سيكون درسا لمرتكبي جرائم العدوان ضد الشعوب، وعلى نحوٍ يجعل العالم أمام حقائق تطبيق القانون على الجميع، بقطع النظر عن عدم توقيع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني عليه، إذ لا يمنع ذلك من العمل على الالتزام به، وتنفيذ كل ما يتعلق بتنفيذ مذكرة التوقيف بحق مجرمي الحرب، وفضح الصورة الزائفة التي يغطي بها الاحتلال سلوكه العنصري وسياساته المتوحشة، وإفلاسه الأخلاقي وأوهامه حول العدوان الذي تحول إلى أكبر جريمة حرب ضد الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. وحتى حديث نتنياهو عن الديمقراطية بات محط سخرية الجميع، إذ لا يمكن لمثل هذه "الديمقراطية" أن تتسق مع العدوان والإرهاب، وممارسة جرائم الكراهية ضد الشعوب الأخرى بكل وقاحة وصلافة.